للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالْمَجَازِ ; فَالْحَقِيقَةُ أَوْلَى بِهِ ; فَإِذَنْ حَمْلُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لَا صَلَاةَ، وَلَا صِيَامَ وَنَحْوِهِ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَيْسَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ ; فَلَا إِجْمَالَ فِيهِ، وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ تَوَجُّهِ الْإِجْمَالِ أَوَّلًا.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ اشْتَهَرَ فِي الْعُرْفِ نَفْيُ الشَّيْءِ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ، نَحْوُ قَوْلِهِمْ: لَا عِلْمَ إِلَّا مَا نَفَعَ، وَلَا بَلَدَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ، وَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ غَيْرُ النَّافِعِ عِلْمًا بِالْحَقِيقَةِ، وَالْبَلَدُ الَّذِي لَا سُلْطَانَ فِيهِ بَلَدًا بِالْحَقِيقَةِ ; فَيُحْمَلُ الْكَلَامُ هُنَا عَلَى نَفْيِ الصِّحَّةِ، لِانْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ ; لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ طَهُورٍ، وَالصِّيَامَ بِغَيْرِ تَبْيِيتِ نِيَّةٌ لَا يُفِيدَانِ ; فَانْتَفَتْ صِحَّتُهُمَا، لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِمَا، إِذْ قَدْ سَبَقَ أَنَّ الصِّحَّةَ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْتِيبِ الْفَوَائِدِ، وَالْآثَارِ الْمَقْصُودَةِ مِنَ الْفِعْلِ، وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ تَوْجِيهِ الْإِجْمَالِ ثَانِيًا.

قَوْلُهُمْ: «حَمْلُهُ عَلَى نَفْيِ الصُّورَةِ بَاطِلٌ» .

قُلْنَا: نَعَمْ.

قَوْلُهُمْ: «تَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ، وَالْأَحْكَامُ مُتَسَاوِيَةٌ» .

قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ تَسَاوِيَهَا، بَلْ حَمْلُهُ عَلَى نَفْيِ الصِّحَّةِ أَوْلَى، عُرْفًا وَلُغَةً، لِدُخُولِ حَرْفِ النَّفْيِ عَلَى ذَاتِ الْفِعْلِ، فَإِنَّهُ إِذَا تَعَذَّرَ نَفْيُ صُورَتِهِ، كَانَ حَمْلُهُ عَلَى نَفْيِ صِحَّتِهِ أَقْرَبَ إِلَى حَمْلِهِ عَلَى نَفْيِ صُورَتِهِ ; فَكَانَ أَوْلَى.

وَقَدْ قُرِّرَ الدَّلِيلُ فِي هَذَا الْأَصْلِ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ: أَنَّ الشَّارِعَ، إِنْ كَانَ لَهُ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ عُرْفٌ، وَجَبَ تَنْزِيلُ لَفْظِهِ عَلَى نَفْيِ الْحَقِيقَةِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>