. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُخْتَصٌّ بِالْإِثْمِ، لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ تَمَيُّزٌ ; لِأَنَّ النَّاسِيَ وَنَحْوَهُ مِنْ أَهْلِ الْأَعْذَارِ، كَالْمُخْطِئِ، وَالْمُكْرَهِ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ أَصْلًا فِي جَمِيعِ الشَّرَائِعِ، بِدَلِيلِ مَا سَبَقَ فِي شُرُوطِ التَّكْلِيفِ.
قُلْتُ: وَالِاعْتِرَاضُ عَلَى هَذَا بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ تَخْصِيصَ الْأُمَّةِ بِالذِّكْرِ، يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهَا بِحُكْمٍ زَائِدٍ عَلَى بَقِيَّةِ الْأُمَمِ، إِذْ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: سَلَّمْنَا أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ حُجَّةٌ، لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ رَفْعَ الْإِثْمِ كَانَ ثَابِتًا فِي حَقِّ سَائِرِ الْأُمَمِ.
قُلْتُ: وَالِاعْتِرَاضَانِ ضَعِيفَانِ، وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ; «فَعَلَى هَذَا: حَيْثُ لَزِمَ الْقَضَاءُ أَوِ الضَّمَانُ بَعْضَ مَنْ ذُكِّرَ» يَعْنِي الْمُخْطِئَ، أَوِ النَّاسِيَ، أَوِ الْمُكْرَهَ، «كَنَاسِي الصَّلَاةِ يَقْضِيهَا، وَالْمُكْرَهِ عَلَى الْقَتْلِ يُقْتَلُ أَوْ يُضَمَّنُ» ، كَانَ لِدَلِيلٍ خَارِجٍ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» . وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [الْمَائِدَةِ: ٤٥] ، وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا ; فَأَهْلُهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِنْ شَاءُوا، قَتَلُوا، وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ» . لَا بِحَقِّ الْأَصْلِ ; لِأَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ أَنْ لَا يَجِبَ بِالْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَالْإِكْرَاهِ شَيْءٌ. عَرَفْنَا ذَلِكَ بِالدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا قُرِّرَ مِنْ دَلَالَتِهِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَقَدِ انْتَهَى الْكَلَامُ فِي الْمُجْمَلِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنِّهِ، وَهَذَا حِينُ الْكَلَامِ فِي الْمُبَيَّنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute