. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الدَّلِيلِ ; فَاسْتَوَتْ، أَوْ تَقَارَبَتِ الْأَقْوَالُ جِدًّا، وَيَجْمَعُ الْكُلَّ مَعْنَى الظُّهُورِ، إِذْ يُقَالُ فِي اللُّغَةِ: بَانَ الشَّيْءُ يَبِينُ بَيَانًا، إِذَا ظَهَرَ وَاتَّضَحَ، وَالدَّلِيلُ يُوَضِّحُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ، وَيُظْهِرُهُ، وَيُعَرِّفُهُ.
قَوْلُهُ: «وَهُوَ» ، يَعْنِي الدَّلِيلَ، «مَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِصَحِيحِ النَّظَرِ فِيهِ إِلَى مَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ» .
فَقَوْلُنَا: «مَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِهِ» ، يَعْنِي مَا كَانَتْ لَهُ صَلَاحِيَّةُ الِاتِّصَالِ إِلَى الْمَطْلُوبِ، لِيَعُمَّ الدَّلِيلُ بِالْقُوَّةِ وَالْفِعْلِ، أَيْ: مَا اسْتُعْمِلَ فِي التَّوَصُّلِ إِلَى الْمَطْلُوبِ، وَمَا صَلَحَ لِلتَّوَصُّلِ إِلَى الْمَطْلُوبِ، وَإِنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي التَّوَصُّلِ إِلَيْهِ، كَقَوْلِنَا: يَصْلُحُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} [الْبَقَرَةِ: ١٨٨] ، عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُحِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ فِي الْبَاطِنِ ; لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سَمَّى الْأَمْوَالَ مَأْكُولَةً بِالْبَاطِلِ، مَعَ الْإِدْلَاءِ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ.
وَقَوْلُنَا: «بِصَحِيحِ النَّظَرِ» : احْتِرَازٌ مِمَّا يُوَصِّلُ بِفَاسِدِ النَّظَرِ فِيهِ إِلَى مَطْلُوبٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْمَطْلُوبَ، إِنْ قَدَّرْنَاهُ صَحِيحًا، كَانَ التَّوَصُّلُ إِلَيْهِ بِفَاسِدِ النَّظَرِ مُمْتَنِعًا، وَإِنْ قَدَّرْنَاهُ بَاطِلًا، لَمْ يَكُنْ مَا تَوَصَّلْنَا بِهِ إِلَيْهِ دَلِيلًا.
وَقَوْلُنَا: «إِلَى مَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ» : يَعُمُّ مَا أَوْصَلَ إِلَى عِلْمٍ، كَقَوْلِنَا: الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ، وَكُلُّ حَيَوَانٍ جِسْمٌ ; فَالْإِنْسَانُ جِسْمٌ. أَوْ إِلَى ظَنٍّ، كَغَالِبِ مَسَائِلِ الْفُرُوعِ.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا ; فَمِنْهُمْ مَنْ سَمَّاهُ دَلِيلًا، سَوَاءٌ أَوَصَلَ إِلَى عِلْمٍ أَوْ ظَنٍّ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ الدَّلِيلَ بِمَا أَوْصَلَ إِلَى عِلْمٍ، وَسَمَّى مَا أَوْصَلَ إِلَى ظَنٍّ أَمَارَةً، - بِفَتْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute