للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الْأَنْفَالِ: ٦٠] ، كَانَتِ الْقُوَّةُ مُجْمَلَةً ; فَبَيَّنَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِقَوْلِهِ: أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ. لِأَنَّ الْقَوْلَ لَمَّا كَانَ بَيِّنًا فِي نَفْسِهِ، جَازَ أَنْ يُبَيِّنَ غَيْرَهُ، كَمَا قُلْنَا فِي الْمَاءِ الطَّهُورِ: لَمَّا كَانَ يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ، جَازَ أَنْ يَدْفَعَهَا عَنْ غَيْرِهِ، إِذَا كَانَ كَثِيرًا.

الثَّانِي: مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْبَيَانُ: الْفِعْلُ ; فَمِنْهُ الْكِتَابَةُ، كَكِتَابَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ إِلَى عُمَّالِهِمْ فِي الصَّدَقَاتِ، وَغَيْرِهَا مِنَ السِّيَاسَاتِ، وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقُومُ مَقَامَ اللِّسَانِ فِي تَأْدِيَةِ مَا فِي النَّفْسِ ; فَكَانَتْ بَيَانًا.

وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ} {عَلَّمَ الْقُرْآنَ} {خَلَقَ الْإِنْسَانَ} {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرَّحْمَنِ: ١ - ٤] ، ثُمَّ بَيَّنَ هَذَا الْبَيَانَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [الْعَلَقِ: ٤، ٥] ; فَالْبَيَانُ بِالْقَلَمِ مِنْ جُمْلَةِ الْبَيَانِ الَّذِي عَلَّمَهُ الْإِنْسَانُ، وَهُوَ بَيَانُ نُطْقٍ، وَبَيَانُ كِتَابَةٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَمِنْهُ، أَيْ: مِنَ الْبَيَانِ الْفِعْلِيِّ، الْإِشَارَةُ كَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا ; فَأَقَامَ فِي مُشْرَبَةٍ لَهُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ ; فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ آلَيْتَ شَهْرًا ; فَقَالَ: الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الْعَشْرِ، وَقَبَضَ إِبْهَامَهُ فِي الثَّالِثَةِ، يَعْنِي تِسْعَةً وَعِشْرِينَ.

وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ قَالَ: الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، هَكَذَا بِلَفْظِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>