. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
دَلَالَةً مِنْهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ ; لِأَنَّ التَّبْيِينَ تَخْلِيصٌ، وَتَمْيِيزٌ لِبَعْضِ الِاحْتِمَالَاتِ مِنْ بَعْضٍ، وَالضَّعِيفُ لَا يُخَلِّصُ الْقَوِيَّ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا بِمَثَابَةِ تَعْدِيلِ الْفَاسِقِ لِلْعَدْلِ، وَتَصْيِيرِ الْمَاءِ الطَّاهِرِ طَهُورًا بِإِضَافَةِ الْمَاءِ النَّجِسِ إِلَيْهِ، وَالتَّعْرِيفِ بِالْأَخْفَى، كَقَوْلِنَا: الْأَسَدُ هُوَ الْغَضَنْفَرُ، أَوِ الدَّلَهْمَسُ، وَالْعَنْكَبُوتُ: هُوَ الْخَدَرْنَقُ، وَالْأَرْنَبُ: الْخِرْنِقُ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْبَيَانَ بِالْأَضْعَفِ يَجُوزُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَنْ ذَلِكَ الْأَضْعَفُ عِنْدَهُ أَقْوَى، لَكِنْ بِالْإِضَافَةِ إِلَى هَذَا الشَّخْصِ لَيْسَ بَيَانًا بِالْأَضْعَفِ بَلْ بِالْأَقْوَى، كَمَا يُقَالُ لِلْعِرَاقِيِّ: الْفُولُ الْبَاقِلَّا ; لِأَنَّ الْبَاقِلَّا أَشْهَرُ عَنْهُ، وَبِعَكْسِ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِيِّ وَنَحْوِهُ ; لِأَنَّ الْفُولَ عِنْدَهُمْ أَشْهَرُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مَسْأَلَةَ «الْمُخْتَصَرِ» ; لِأَنَّ الْكَلَامَ هَهُنَا فِي تَبْيِينِ الْأَقْوَى بِالْأَضْعَفِ مِنْ جِهَةِ الدَّلَالَةِ، وَمَسْأَلَةُ «الْمُخْتَصَرِ» وَ «الرَّوْضَةِ» مُمَثَّلَةٌ بِتَبْيِينِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ فِي الرُّتْبَةِ لَا فِي الدَّلَالَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ضَعْفِ الرُّتْبَةِ ضَعَّفُ الدَّلَالَةِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْأَضْعَفُ رُتْبَةً أَقْوَى دَلَالَةً، كَتَخْصِيصِ عُمُومِ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ; لِأَنَّهُ أَخَصُّ ; فَيَكُونُ أَدَلَّ.
فَحَاصِلُ هَذَا أَنَّ الضَّعْفَ إِنْ كَانَ فِي الدَّلَالَةِ، لَمْ يَجُزْ تَبْيِينُ الْقَوِيِّ بِالضَّعِيفِ، لِمَا سَبَقَ، وَإِنْ كَانَ فِي الرُّتْبَةِ، جَازَ إِذَا كَانَ أَقْوَى دَلَالَةً، وَمَنْ أَجَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute