للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثُ: فَهْمُ الْحُكْمِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النُّطْقِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَهُوَ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ كَفَهْمِ تَحْرِيمِ الضَّرْبِ مِنْ تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} وَشَرْطُهُ فَهْمُ الْمَعْنَى فِي مَحَلِّ النُّطْقِ كَالتَّعْظِيمِ فِي الْآيَةِ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ السُّلْطَانُ عَنْ مُنَازِعٍ لَهُ: اقْتُلُوا هَذَا، وَلَا تَصْفَعُوهُ، وَهُوَ قِيَاسٌ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الْخَرَزِيِّ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَالْقَاضِي، وَالْحَنَفِيَّةِ.

لَنَا: إِلْحَاقُ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ بِالْمَنْطُوقِ بِهِ فِي الْحُكْمِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمُقْتَضَى، وَهُوَ الْقِيَاسُ، كَقِيَاسِ الْجُوعِ وَنَحْوِهِ فِي الْمَنْعِ مِنَ الْحُكْمِ عَلَى الْغَضَبِ لِمَنْعِهِمَا كَمَالَ الْفِكْرَةِ. وَالزَّيْتِ عَلَى السَّمْنِ فِي التَّنْجِيسِ بِجَامِعِ السِّرَايَةِ.

قَالُوا: قَاطِعٌ يَسْبِقُ إِلَى الْفَهْمِ بِلَا تَأَمُّلٍ.

قُلْنَا: قِيَاسٌ جَلِيٌّ، وَنَحْوُهُ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْفَاسِقِ ; فَالْكَافِرُ أَوْلَى، إِذِ الْكُفْرُ فِسْقٌ وَزِيَادَةٌ، وَقَتْلُ الْخَطَأِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ ; فَالْعَمْدُ أَوْلَى، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِقَاطِعٍ، لِجَوَازِ تَحَرِّي الْكَافِرِ الْعَدَالَةَ فِي دِينِهِ، بِخِلَافِ الْفَاسِقِ، وَاخْتِصَاصِ الْعَمْدِ بِمُسْقِطٍ مُنَاسِبٍ كَالْغَمُوسِ.

وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ: إِذَا جَازَ السَّلَمُ مُؤَجَّلًا ; فَحَالًا أَجْوَزُ، لِبُعْدِهِ مِنَ الْغَرَرِ.

رُدَّ بِأَنَّ الْغَرَرَ مَانِعٌ احْتُمِلَ فِي الْمُؤَجَّلِ، وَالْحُكْمُ لَا يَثْبُتُ لِانْتِفَاءِ مَانِعِهِ، بَلْ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ، وَهُوَ الِارْتِفَاقُ بِالْأَجَلِ، وَقَدِ انْتَفَى فِي الْحَالِ.

ــ

قَوْلُهُ: «الثَّالِثُ» ، أَيِ: الضَّرْبُ الثَّالِثُ مِنْ فَحْوَى الْخِطَابِ: «فَهْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>