. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لِمَجْمُوعِهِمْ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ قَطْعًا، لِوُجُودِ آحَادِ الْفُسَّاقِ فِيهِمْ كَثِيرًا، فَتَعَيَّنَ الثَّانِي، وَهُوَ أَنَّ الْوَصْفَ بِالْعَدَالَةِ لِمَجْمُوعِهِمْ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ مَا يَقُولُونَهُ مُجْتَمِعِينَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَصَوَابٌ، لِأَنَّ قَائِلَ غَيْرِ الْحَقِّ وَالصَّوَابِ يَكُونُ كَاذِبًا، وَالْكَاذِبُ لَا يَكُونُ عَدْلًا.
وَيَرِدُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ: أَنَّ الصَّوَابَ وَالْحَقَّ؛ تَارَةً يَكُونُ عَنْ إِخْبَارٍ، فَهُوَ الَّذِي يَلْزَمُ وُجُودُهُ فِي الْأُمَّةِ الْمَوْصُوفَةِ بِالْعَدَالَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ، وَهُوَ كَوْنُهُمْ جُعِلُوا وَسَطًا لِيَشْهَدُوا عَلَى النَّاسِ، وَالشَّهَادَةُ إِخْبَارٌ، وَتَارَةً يَكُونُ الصَّوَابُ وَالْحَقُّ عَنْ نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ مِنَ الْوَصْفِ بِالْعَدَالَةِ، وَالْكَلَامُ هَاهُنَا فِي الصَّوَابِ النَّظَرِيِّ، لَا فِي الصَّوَابِ الْإِخْبَارِيِّ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آلِ عِمْرَانَ: ١١٠] ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ هَذَا مَدْحٌ لَهُمْ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ الْمَدْحُ إِذَا كَانُوا عَلَى الصَّوَابِ، وَالصَّوَابُ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ. وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا سَبَقَ، مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ النَّظَرِيَّ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَاللَّامُ فِيهِمَا لِلِاسْتِغْرَاقِ وَالْعُمُومِ، أَيْ: يَأْمُرُونَ بِكُلِّ مَعْرُوفٍ، وَيَنْهَوْنَ عَنْ كُلِّ مُنْكَرٍ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَفُوتَهُمْ حَقٌّ وَلَا صَوَابٌ، لَا يَأْمُرُونَ بِهِ، وَلَا يَفُوتَهُمْ بَاطِلٌ وَلَا خَطَأٌ، لَا يَنْهَوْنَ عَنْهُ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا اتَّفَقُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute