للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حَتَّى لَوْ أُخْرِجَتْ بِغَيْرِ نِيَّةٍ مِنَ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ، لَمْ تَقَعِ الْمَوْقِعَ، وَإِذَا أَخَذَهَا الْإِمَامُ قَهْرًا مِنَ الْمُمْتَنِعِ مِنْهَا، أَجْزَأَتْ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا ثَانِيًا، لَا بِمَعْنَى بَرَاءَةِ عُهْدَتِهِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَأَمَّا شَائِبَةُ النَّفَقَةِ الْمَالِيَّةِ، فَمِنْ جِهَةِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَ مَصْرِفَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَصْنَافِ، فَكَأَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ نَفَقَةَ الْفُقَرَاءِ بِقَرَابَةِ الْإِسْلَامِ، فَلِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الزَّكَاةِ حِكْمَتَانِ ظَاهِرَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: فِي مَصْدَرِهَا، وَهُمُ الْأَغْنِيَاءُ، بِالِابْتِلَاءِ بِبَذْلِ الْمَالِ الْمَحْبُوبِ فِي طَاعَةِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ.

وَالثَّانِيَةُ: فِي مَوْرِدِهَا، وَهُمُ الْفُقَرَاءُ، بِإِقَامَةِ أَوَدِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْأَغْنِيَاءِ، وَلِهَذَا يُقَالُ: الْفُقَرَاءُ عِيَالُ الْأَغْنِيَاءِ.

وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلْقَهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ، فَرَضَ لِلْفُقَرَاءِ كِفَايَتَهُمْ فِي مَالِ الْأَغْنِيَاءِ، لَكِنَّ الْأَغْنِيَاءَ ضَيَّقُوا عَلَى الْفُقَرَاءِ، إِمَّا بِمَنْعِ مَا يَجِبُ، أَوْ بِأَخْذِ مَا لَا يُسْتَحَقُّ.

وَإِذَا ثَبَتَ تَرَدُّدُ الزَّكَاةِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالنَّفَقَةِ، فَأَبُو حَنِيفَةَ غَلَّبَ مَعْنَى الْعِبَادَةِ، وَغَيْرُهُ غَلَّبَ مَعْنَى النَّفَقَةِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، لِأَنَّا نَقُولُ: بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ فِي نَظَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>