للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جَمَاعَةِ الْغَنَمِ، فَيَحْكُمُ الشَّيْطَانُ عَلَى الْمُنْفَرِدِ حُكْمَ الذِّئْبِ عَلَى الْقَاصِيَةِ.

وَلِهَذَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ قَالَ: لَوْلَا مَخَافَتِي مِنَ الْوَسْوَاسِ، لَسَكَنْتُ بِلَادًا لَا أَنِيسَ بِهَا، وَهَلْ يُهْلِكُ النَّاسَ إِلَّا النَّاسُ. وَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَدِلَالَتِهَا عَلَى عِصْمَةِ الْأُمَّةِ، فَهِيَ مُعَارَضَةٌ بِمَا يُنَاقِضُهَا، مِمَّا حَالُهُ فِي الصِّحَّةِ وَالشُّهْرَةِ مِثْلُ حَالِهَا، وَهُوَ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: تَفَرَّقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَالنَّصَارَى مِثْلَ ذَلِكَ، وَتَتَفَرَّقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً قَالُوا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ. فَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ أُمَّتَهُ تَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، فَالْأَحَادِيثُ الْأُوَلُ لَوْ دَلَّتْ عَلَى عِصْمَةِ الْأُمَّةِ، لَكَانَتْ إِمَّا أَنْ تَدُلَّ عَلَى عِصْمَةِ جَمِيعِهَا، أَوْ عَلَى عِصْمَةِ بَعْضِهَا.

وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ، لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ دَلَّ عَلَى خَطَأِ أَكْثَرِهَا، وَهُوَ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ مِنْ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فِي النَّارِ، وَمَنْ يَسْتَحِقُّ النَّارَ لَا يَكُونُ مَعْصُومًا، بَلْ لَا يَكُونُ صَالِحًا، فَضْلًا عَنْ مَعْصُومٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>