. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُوَافَقَةَ الْعَامِّيِّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْآمِدِيِّ.
قَوْلُهُ: «لِتَنَاوُلِ الْأُمَّةِ» إِلَى آخِرِهِ. هَذِهِ حُجَّةُ الْقَاضِي عَلَى اعْتِبَارِ الْعَامِّيِّ، وَهِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْإِجْمَاعَ إِنَّمَا كَانَ حُجَّةً لِلدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ عَلَى عِصْمَةِ الْأُمَّةِ، وَإِيجَابِهِ اتِّبَاعَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا سَبَقَ، وَلَفْظُ الْأُمَّةِ وَالْمُؤْمِنِينَ يَتَنَاوَلُ الْعَامِّيَّ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ مُعْتَبَرًا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: «أَنَّ الْعِصْمَةَ» جَازَ أَنْ تَكُونَ ثَابِتَةً لِلْمُجْتَهِدِينَ خَاصَّةً، كَمَا يَقُولُ الْخَصْمُ، وَجَازَ أَنْ تَكُونَ ثَابِتَةً «لِلْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ» وَالْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنَّ الْأَخْذَ بِهَذَا أَحْوَطُ لِلْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَكَانَ وَاجِبًا. وَتَخْصِيصُ هَذَا الدَّلِيلِ بِالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ إِجْمَاعًا لَا يُوجِبُ تَخْصِيصَهُ بِالْعَامَّةِ، لِقِيَامِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمْ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: التَّكْلِيفُ فِي الْعَامِّيِّ الْمُكَلَّفِ دُونَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.
وَالثَّانِي: الْعَامِّيُّ إِذَا فَهِمَ الْحُكْمَ وَدَلِيلَهُ قَدْ يَفْهَمُهُ، وَقَدْ يَخْطُرُ لَهُ رَأْيٌ أَوْ مَشُورَةٌ.
وَبِالْجُمْلَةِ هُوَ أَكْمَلُ مِمَّنْ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ.
فَإِنْ قِيلَ: التَّكْلِيفُ الْمُجَرَّدُ عَنْ أَهْلِيَّةِ النَّظَرِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الِاجْتِهَادِ، فَلَا يَكُونُ فَارِقًا بَيْنَ الْعَامِّيِّ وَبَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.
قُلْنَا: بَلْ يَتَّجِهُ كَوْنُهُ فَارِقًا بَيْنَهُمَا، لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ عِصْمَةُ الْأُمَّةِ فَائِضَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute