للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُتَأَوِّلٍ، كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ رَغْبَةً عَنْهُ، أَوْ بِإِنْكَارِ مَا عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ ضَرُورَةً مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُهُ فِي الْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الدَّلِيلَ السَّمْعِيَّ إِنَّمَا دَلَّ عَلَى عِصْمَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْأُمَّةِ، وَهَذَا خَارِجٌ عَنْهُمَا، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إِذَا خَرَجَ عَنِ الْمِلَّةِ، اتُّهِمَ عَلَيْهَا، وَلَمْ يُؤْتَمَنْ، وَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا، أَيْ: مُسْتَنِدًا إِلَى شُبْهَةٍ، كَمُبْتَدِعَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْخَوَارِجِ، وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَالرَّافِضَةِ، وَالْجَهْمِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ، فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ مُطْلَقًا، كَغَيْرِ الْمُتَأَوِّلِ بِجَامِعِ الْكُفْرِ وَالتَّكْفِيرِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ كَالْكَافِرِ عِنْدَ مَنْ كَفَّرَهُ، فَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ.

أَمَّا مَنْ لَا يُكَفِّرُهُ، فَقَوْلُهُ مُعْتَبَرٌ بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ.

مِثَالُهُ: أَنَّ الْخَوَارِجَ اخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِهِمْ، فَأَهْلُ الْحَدِيثِ يُكَفِّرُونَهُمْ، فَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ مُجْتَهَدِيِ الْخَوَارِجِ فِيمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُحَدِّثُونَ، وَالْفُقَهَاءُ لَا يُكَفِّرُونَ الْخَوَارِجَ، فَيُعْتَبَرُ قَوْلُهُمْ فِيمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ. وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْرَبُ إِلَى الْعَدْلِ.

وَقَالَ الْآمِدِيُّ: إِذَا كَانَ الْمُجْتَهِدُ مُبْتَدِعًا، فَإِنْ كُفِّرَ بِبِدْعَتِهِ، فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ مُوَافَقَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ، لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مُسَمَّى الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ هُوَ بِكُفْرِ نَفْسِهِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَسَوَاءٌ أَصَرَّ عَلَى بِدْعَتِهِ، أَوْ تَابَ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ، إِلَّا عَلَى اشْتِرَاطِ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ لِلْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُكَفَّرْ بِبِدْعَتِهِ، فَحَكَى أَقْوَالًا، ثَالِثُهَا: لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ، بَلْ عَلَى غَيْرِهِ.

قُلْتُ: يُشِيرُ بِهَذَا إِلَى مَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْفَاسِقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>