للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: يُطْلَقُ الْكُلُّ عَلَى الْأَكْثَرِ.

قُلْنَا: مُعَارَضٌ بِمَا دَلَّ عَلَى قِلَّةِ أَهْلِ الْحَقِّ مِنْ نَحْوِ: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ} ، {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} ، {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} وَعَكْسِهِ، ثُمَّ هُوَ مَجَازٌ وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ، وَالشُّذُوذُ الْمَذْمُومُ الشَّاقُّ عَصَا الْإِسْلَامِ الْمُثِيرُ لِلْفِتَنِ كَالْخَوَارِجِ، لَكِنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ حُجَّةٌ إِذْ إِصَابَةُ الْأَكْثَرِ أَظْهَرُ.

ــ

قَوْلُهُ: «قَالُوا:» يَعْنِي الْقَائِلِينَ: إِنَّ اتِّفَاقَ الْأَكْثَرِ إِجْمَاعٌ: يَصِحُّ إِطْلَاقُ الْكُلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ لُغَةً، فَيَصِحُّ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْأُمَّةِ عَلَى أَكْثَرِهَا، فَلَا يَضُرُّ شُذُوذُ الْأَقَلِّ كَمَا يُقَالُ: بَنُو تَمِيمٍ يُكْرِمُونَ الضَّيْفَ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ، وَإِذَا صَحَّ إِطْلَاقُ الْأُمَّةِ عَلَى أَكْثَرِهَا، تَنَاوَلَهُ الدَّلِيلُ السَّمْعِيُّ، نَحْوَ: أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ وَقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آلِ عِمْرَانَ: ١١٠] ، وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ اتِّفَاقُ الْأَكْثَرِ إِجْمَاعًا، وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ شُذُوذُ الْقَلِيلِ.

قَوْلُهُ: «قُلْنَا: مُعَارَضٌ» إِلَى آخِرِهِ، أَيِ: الْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا وَرَدَ مِنَ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ «عَلَى قِلَّةِ أَهْلِ الْحَقِّ» «وَعَكْسِهِ» يَعْنِي كَثْرَةَ أَهْلِ الْبَاطِلِ.

أَمَّا الْأَوَّلُ: فَنَحْوُ قَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [الْبَقَرَةِ: ٢٤٩] ، وَقَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: ٢٤] ، وَقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سَبَأٍ: ١٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>