للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلٌ ثَالِثٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ أَنَّ إِحْدَاثَ الْقَوْلِ الثَّالِثِ إِنْ رَفَعَ الْإِجْمَاعَ الْأَوَّلَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ، جَازَ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ فِي " الْمَحْصُولِ " وَالْآمِدِيِّ فِي " مُنْتَهَى السُّولِ ".

مِثَالُ الرَّافِعِ لِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ: أَنَّ الْوَالِدَ لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ مُطْلَقًا، وَقَالَ مَالِكٌ: يُقْتَلُ إِذَا تَعَمَّدَ قَتْلَهُ، مِثْلَ أَنْ يَذْبَحَهُ ذَبْحًا وَنَحْوَهُ، لَا أَنْ حَذَفَهُ بِسَيْفٍ وَنَحْوِهِ ; لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ تَأْدِيبَهُ، فَأَتَى عَلَى نَفْسِهِ خَطَأً. فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ آخَرُ: يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ مُطْلَقًا، كَانَ رَافِعًا لِلْإِجْمَاعِ الْأَوَّلِ.

وَكَذَا لَوْ قَالَ بَعْضُ الْأُمَّةِ بِاعْتِبَارِ النِّيَّةِ فِي كُلِّ طَهَارَةٍ، وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ: بِاعْتِبَارِهَا فِي بَعْضِ الطَّهَارَاتِ دُونَ بَعْضٍ، كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: يُعْتَبَرُ لِلتَّيَمُّمِ دُونَ الْوُضُوءِ، فَالنَّافِي لِاعْتِبَارِهَا فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ مُطْلَقًا ; يَكُونُ رَافِعًا لِلْإِجْمَاعِ الْأَوَّلِ.

وَكَذَا لَوْ قَالَ بَعْضُ الْأُمَّةِ: الْجَدُّ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ، وَيَأْخُذُ الْمَالَ دُونَهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَاسِمُهُمْ كَأَخٍ وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ، فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الْإِخْوَةَ يَحُوزُونَ الْمَالَ كُلَّهُ ; كَانَ رَافِعًا لِلْإِجْمَاعِ. عَلَى أَنَّ الْقَرَافِيَّ حَكَى عَنِ ابْنِ حَزْمٍ فِي " الْمُحَلَّى " أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَالَ: الْمَالُ كُلُّهُ لِلْإِخْوَةِ، تَغْلِيبًا لِلْبُنُوَّةِ عَلَى الْأُبُوَّةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>