للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَعُمَرَ، وَلَوْ لَمْ تَقُمِ الْحُجَّةُ بِقَوْلِهِمْ، لَمَا أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِهِمْ.

وَالْجَوَابُ: أَنَّ سُنَّةَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إِنْ كَانَتْ هِيَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلَا اخْتِصَاصَ لَهُمْ بِهَا، وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدِينُهُ دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ قَوْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ لَا بَعْضِهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَمْ تُعْتَبَرْ، فَكَانَ الْإِجْمَاعُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ السَّمْعِيُّ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا اعْتِبَارَ سُنَّتِهِمْ، فَإِمَّا أَنْ لَا تُعْتَبَرَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ سُنَّتِهِمْ، أَوْ تُعْتَبَرَ مَعَهَا، فَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ، لَزِمَ اسْتِقْلَالُ سُنَّتِهِمْ بِالصَّوَابِ، مَعَ مُخَالَفَتِهَا سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ بَاطِلٌ بِإِجْمَاعٍ. وَإِنِ اعْتُبِرَتْ مَعَهَا سُنَّةُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَمْ تَسْتَقِلَّ سُنَّتُهُمْ بِإِصَابَةِ الْحَقِّ، لِأَنَّ مَا اعْتُبِرَ لَهُ سَبَبَانِ، أَوْ عُلِّقَ عَلَى سَبَبَيْنِ، لَمْ يَحْصُلْ بِأَحَدِهِمَا.

أَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ; فَهُوَ تَعْرِيفٌ بِصِفَةِ الْخِلَافَةِ مَعَ الرَّشَادِ، فَلَا يَخْتَصُّ بِالْأَرْبَعَةِ وَلَا بِالشَّيْخَيْنِ، بَلْ يَتَنَاوَلُ كُلَّ خَلِيفَةٍ رَاشِدٍ، فَيَجِبُ أَنْ يُضَمَّ فِي الِاعْتِبَارِ إِلَى قَوْلِهِمْ قَوْلُ كُلِّ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَنَحْوِهِ.

سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورُونَ، لَكِنَّ الْأَمْرَ بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِمْ لَا يَنْفِي اعْتِبَارَ بَقِيَّةِ الْأُمَّةِ مَعَهُمْ، إِذْ بَقِيَّةُ الْأُمَّةِ مَسْكُوتٌ عَنْهُمْ فِي الْحَدِيثِ. وَقَدْ دَلَّ دَلِيلُ الْإِجْمَاعِ عَلَى اعْتِبَارِ قَوْلِهِمْ، فَصَارَ تَقْدِيرُ الْحَدِيثِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>