للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَبِالْجُمْلَةِ فَاعْتِرَاضَاتُ الْعَرَبِيَّةِ، وَالتَّخَلُّصَاتُ مِنْ كَلَامٍ إِلَى كَلَامٍ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ عَلَى أَبْدَعِ مَا يَكُونُ، حَتَّى إِنَّ الْإِنْسَانَ يَظُنُّ أَنَّ الْجُمْلَتَيْنِ الْمُتَوَالِيَتَيْنِ مِنْهُ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ فِي مَعْنًى، وَمَنِ اسْتَقْرَأَ ذَلِكَ، وَنَظَرَ فِيهِ، عَرَفَهُ، وَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} وَقَعَ اعْتِرَاضًا وَفَصْلًا بَيْنَ أَجْزَاءِ خِطَابِ النِّسْوَةِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ السُّنَّةِ الْمُبَيِّنَةِ لِذَلِكَ.

وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الرِّجْسَ يَتَنَاوَلُ الْخَطَأَ لُغَةً وَاسْتِدْلَالًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَوْهَرِيَّ قَالَ: الرِّجْسُ: الْقَذَرُ، قُلْنَا: وَالْقَذَرُ أَعَمُّ مِمَّا يَسْتَقْبِحُهُ الطَّبْعُ كَالنَّجَاسَاتِ الْمُتَجَسِّدَةِ، أَوِ الْعَقْلُ كَالنَّقَائِصِ الْعَقْلِيَّةِ، وَهِيَ تَتَنَاوَلُ الْخَطَأَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [يُونُسَ: ١٠٠] : إِنَّهُ الْعِقَابُ وَالْغَضَبُ.

قُلْنَا: فَإِنْ كَانَ الرِّجْسُ بِهَذَا الْمَعْنَى مُرَادًا مِنَ الْآيَةِ، فَقَدْ نَفَى اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْعِقَابَ وَالْغَضَبَ، وَالْخَطَأُ مِنْ أَسْبَابِهِمَا، فَيَلْزَمُ نَفْيُهُ عَنْهُمْ، وَإِلَّا انْتَفَى الْمُسَبَّبُ مَعَ وُجُودِ سَبَبِهِ، وَهُوَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ السَّبَبَ يَقْتَضِي وُجُودَ الْمُسَبَّبِ، فَلَوْ فَرَضْنَا انْتِفَاءَ الْمُسَبَّبِ مَعَ ثُبُوتِ مَا يَقْتَضِي وُجُودَهُ، لَزِمَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ فِي حَالٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُحَالٌ.

قُلْتُ: هَذَا الِاسْتِدْلَالُ لَا يَنْهَضُ، لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْمُسَبَّبِ مَعَ وُجُودِ السَّبَبِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، وَوُجُودُ السَّبَبِ وَتَخَلُّفُ الْمُسَبَّبِ لِمَانِعٍ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ أَيْضًا، وَاسْتِدْلَالُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>