. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: «ثُمَّ السُّكُوتِيُّ كَذَلِكَ فِيهِمَا» أَيْ: فِي تَقْدِيمِ تَوَاتُرِهِ عَلَى آحَادِهِ، وَإِنَّمَا أَخَّرَ السُّكُوتِيَّ عَنِ النُّطْقِيِّ لِقُوَّتِهِ، وَضِعْفِ السُّكُوتِيِّ عَنْهُ ضَعْفَ الْآحَادِ عَنِ التَّوَاتُرِ. فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ، طَرَفَانِ وَوَاسِطَتَانِ، لِأَنَّهَا إِمَّا نُطْقِيٌّ مُتَوَاتِرٌ، أَوْ سُكُوتِيٌّ آحَادٌ، هَذَانِ طَرَفَانِ، فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جِهَتَا قُوَّةٍ أَوْ ضَعْفٍ، أَوْ نُطْقِيٌّ آحَادٌ، أَوْ سُكُوتِيٌّ مُتَوَاتِرٌ، هَذَانِ وَاسِطَتَانِ، فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جِهَةُ قُوَّةٍ وَجِهَةُ ضَعْفٍ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ أَرَدْنَا التَّرْجِيحَ بَيْنَ الْوَاسِطَتَيْنِ، فَالنُّطْقِيُّ الْآحَادُ أَوْلَى بِالرُّجْحَانِ، لِأَنَّ الِاحْتِمَالَاتِ الْقَادِحَةَ فِي السُّكُوتِيِّ أَكْثَرُ وَأَقْوَى مِنْهَا فِي الْآحَادِ.
قَوْلُهُ: «وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ الْإِجْمَاعُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ» .
اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
قَالَ الْآمِدِيُّ: فَأَجَازَهُ الْحَنَابِلَةُ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَنْكَرَهُ الْبَاقُونَ.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: الْإِجْمَاعُ الْمَرْوِيُّ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ حُجَّةٌ، يَعْنِي عِنْدَ مَالِكٍ، خِلَافًا لِأَكْثَرِ النَّاسِ.
قُلْتُ: احْتَجَّ الْمَانِعُونَ بِأَنَّهُ - يَعْنِي خَبَرَ الْوَاحِدِ - «ظَنِّيٌّ» أَيْ: إِنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ: «فَلَا يُثْبِتُ قَاطِعًا» وَهُوَ الْإِجْمَاعُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ قَاطِعٌ، وَخَبَرَ الْوَاحِدِ ظَنِّيٌّ، فَلَا يَثْبُتُ الْقَاطِعُ بِالظَّنِّيِّ، لِأَنَّ الضَّعِيفَ لَا يَكُونُ مُسْتَنَدًا لِلْقَوِيِّ.
قَوْلُهُ: «لَنَا:» أَيْ: عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ الْمَرْوِيَّ آحَادًا حُجَّةٌ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ «نَقْلَ الْخَبَرِ الظَّنِّيِّ» آحَادًا يُوجِبُ الْعَمَلَ «فَنَقْلُ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ» آحَادًا «أَوْلَى» أَنْ يُوجِبَ الْعَمَلَ، لِأَنَّ الظَّنَّ وَاقِعٌ فِي ذَاتِ خَبَرِ الْوَاحِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute