للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِالْإِجْمَاعِ فِيمَا لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ.

وَفِي الدُّنْيَوِيَّةِ كَالْآرَاءِ فِي الْحُرُوبِ خِلَافٌ، وَفِي أَقَلِّ مَا قِيلَ كَدِيَةِ الْكِتَابِيِّ الثُّلُثُ بِهِ وَبِالِاسْتِصْحَابِ لَا بِهِ فَقَطْ، إِذِ الْأَقَلُّ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ دُونَ نَفْيِ الزِّيَادَةِ.

ــ

قَوْلُهُ: «وَيَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِالْإِجْمَاعِ فِيمَا لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ» أَيْ: كُلُّ أَمْرٍ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْإِجْمَاعِ، لَمْ يَجُزْ إِثْبَاتُ ذَلِكَ الْأَمْرِ بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ فَرْعُ ذَلِكَ الْأَمْرِ، لِتَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ، فَلَوْ أَثْبَتْنَا ذَلِكَ الْأَمْرَ بِالْإِجْمَاعِ، لَكَانَ ذَلِكَ إِثْبَاتًا لِلْأَصْلِ بِالْفَرْعِ وَهُوَ دَوْرٌ.

مِثَالُهُ: أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى ثُبُوتِ الرِّسَالَةِ، لِتَوَقُّفِهِ عَلَى مَا صَدَرَ عَنْهَا مِنْ كِتَابٍ وَسُنَّةٍ، فَلَا يَصِحُّ إِثْبَاتُ النُّبُوَّةِ بِالْإِجْمَاعِ، لِئَلَّا يَلْزَمَ الدَّوْرُ بِالطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ.

وَأَمَّا مَا لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، فَيَصِحُّ إِثْبَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَيْسَ فَرْعًا، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ إِثْبَاتِهِ بِالْإِجْمَاعِ دَوْرٌ مَحْذُورٌ، وَلَا غَيْرُهُ.

مِثَالُهُ: الْوَحْدَانِيَّةُ، وَحُدُوثُ الْعَالَمِ، لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِمَا صِحَّةُ الْإِجْمَاعِ، فَيَجُوزُ التَّمَسُّكُ فِي إِثْبَاتِهِمَا بِالْإِجْمَاعِ.

قُلْتُ: هَذِهِ الْقَاعِدَةُ قَدْ عُهِدَتْ وَعُرِفَتْ، وَهِيَ أَنَّ مَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْإِجْمَاعِ، لَمْ يَثْبُتْ بِالْإِجْمَاعِ، وَمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْإِجْمَاعِ ; يَثْبُتُ بِالْإِجْمَاعِ، لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي أَمْثِلَةِ ذَلِكَ، فَالتَّمْثِيلُ فِيمَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>