. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إِجْمَاعِ غَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ، إِذْ لَمْ يَبْلُغْنَا الدَّلِيلُ السَّمْعِيُّ عَلَى أَنَّ إِجْمَاعَهُمْ حُجَّةٌ، فَنُثْبِتُهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ بُلُوغِ ذَلِكَ لَنَا عَدَمُ وُجُودِهِ فَنَنْفِيهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ رِيَاضَاتِ الْفَنِّ، لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا كَبِيرُ فَائِدَةٍ، وَاللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: «وَفِي أَقَلِّ مَا قِيلَ، كَدِيَةِ الْكِتَابِيِّ الثُّلُثُ، بِهِ وَبِالِاسْتِصْحَابِ لَا بِهِ فَقَطْ» أَيْ: وَالتَّمَسُّكُ «فِي أَقَلِّ مَا قِيلَ» أَوِ الْأَخْذُ بِأَقَلِّ الْأَقْوَالِ، لَيْسَ تَمَسُّكًا بِالْإِجْمَاعِ فَقَطْ، بَلْ «بِهِ وَبِالِاسْتِصْحَابِ» وَذَلِكَ «كَدِيَةِ الْكِتَابِيِّ» ; اخْتُلِفَ فِي مَقَادِرِهَا، فَقِيلَ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَقِيلَ: نِصْفُهَا، وَقِيلَ: ثُلُثُهَا، وَالْقَائِلُ إِنَّهَا الثُّلُثُ وَهُوَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ لَيْسَ تَمَسُّكًا بِالْإِجْمَاعِ فَقَطْ، لِأَنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ إِثْبَاتُ الثُّلُثِ، أَمَّا نَفْيُ الزَّائِدِ عَنْهُ، فَلَيْسَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَانَ مُثْبِتُهُ خَارِقًا لِلْإِجْمَاعِ، فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْآخِذَ بِالْأَقَلِّ ; إِنَّمَا تَمَسَّكَ بِالْإِجْمَاعِ فِي إِثْبَاتِهِ، وَبِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ فِي نَفْيِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: «إِذِ الْأَقَلُّ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ دُونَ نَفْيِ الزِّيَادَةِ» .
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَنَّ الْآخِذَ بِالْأَقَلِّ، هَلْ هُوَ آخِذٌ بِالْإِجْمَاعِ؟ وَهُوَ مُنَزَّلٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَهُوَ التَّحْقِيقُ. وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى هَذَا الْخِلَافِ بِقَوْلِي: «لَا بِهِ فَقَطْ» وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute