. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَثَالِثُهَا: أَنَّ مَا ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ كَوْنُهُ مِنَ الدِّينِ ضَرُورَةً، كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَالْأَرْكَانِ الْخَمْسَةِ وَنَحْوِهَا، كَفَرَ مُنْكِرُهُ، وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ لَا يَكْفُرُ بِإِنْكَارِهِ.
وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْأَوَّلَ يَتَحَقَّقُ تَكْذِيبُهُ لِصَاحِبِ الشَّرِيعَةِ، دُونَ الثَّانِي، لِجَوَازِ كَوْنِ مَا أَنْكَرُهُ يَخْفَى عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مِثْلِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، فَإِنَّ وُجُوبَهَا لَا يَخْفَى عَلَى مُسْلِمٍ، بَلِ الْكُفَّارُ يَعْلَمُونَ وُجُوبَهَا عَلَى أَهْلِهَا.
وَقَالَ الْآمِدِيُّ: إِنْ كَانَ حُكْمُ الْإِجْمَاعِ دَاخِلًا فِي مُسَمَّى الْإِسْلَامِ كَالرِّسَالَةِ، كَفَرَ مُنْكِرُ حُكْمِهِ، وَإِلَّا فَلَا.
قُلْتُ: هَذَا أَخَصُّ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَالَّذِي قَبْلَهُ أَوْلَى مِنْهُ، لِأَنَّهُ تَكْذِيبُ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ، وَمَا لَزِمَهُ مُسْتَقِلٌّ بِالتَّكْفِيرِ، فَلَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى تَخْصِيصِهِ بِمَا كَانَ دَاخِلًا فِي مُسَمَّى الْإِسْلَامِ، إِذْ لَوْ سُوِّغَ ذَلِكَ، لَأَفْضَى إِلَى تَكْذِيبِ صَاحِبِ الشَّرْعِ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ بِدُونِ تَكْفِيرِ ذَلِكَ الْمُكَذِّبِ، وَهُوَ إِهْمَالٌ لِحُرْمَةِ الشَّرْعِ، وَتَضْيِيعٌ لِنَامُوسِهِ.
قُلْتُ: الْمُخْتَارُ أَنَّ مُنْكِرَ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ إِنْ كَانَ عَامِّيًّا، كَفَرَ مُطْلَقًا، ظَنِّيًّا كَانَ الْإِجْمَاعُ أَوْ قَطْعِيًّا، إِذَا كَانَ قَدِ اشْتُهِرَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ، وَعَلِمَهُ الْمُنْكِرُ، وَاعْتَقَدَ تَحْرِيمَ إِنْكَارِهِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا، يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْإِجْمَاعِ، وَيَتَصَرَّفُ فِي الْأَدِلَّةِ، لَمْ يَكْفُرْ إِلَّا بِإِنْكَارِ مِثْلِ الْأَرْكَانِ الْخَمْسَةِ، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، لِجَوَازِ أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ عِنْدَهُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ مَا أَنْكَرَهُ.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: إِذَا قُلْنَا بِتَكْفِيرِ مُخَالِفِ الْإِجْمَاعِ، فَهُوَ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute