. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَوْ شَرْعِيٍّ لَمْ يَظْهَرْ عَنْهُ نَاقِلٌ " أَيْ: لَمْ يَظْهَرْ دَلِيلٌ يَنْقُلُ عَنْ حُكْمِهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ، لِأَنَّ الِاسْتِصْحَابَ تَارَةً يَكُونُ بِحُكْمِ دَلِيلِ الْعَقْلِ. كَاسْتِصْحَابِ حَالِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ، فَإِنَّ الْعَقْلَ دَلَّ عَلَى بَرَاءَتِهَا، وَعَدَمِ تَوَجُّهِ الْحُكْمِ إِلَى الْمُكَلَّفِ، كَقَوْلِنَا: الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ، أَيْ: دَلَّ الْعَقْلُ عَلَى انْتِفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّتِهِ، لِأَنَّ الْعَقْلَ لَا يُثْبِتُ مَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَتَارَةً يَكُونُ الِاسْتِصْحَابُ بِحُكْمِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ كَاسْتِصْحَابِ حُكْمِ الْعُمُومِ وَالْإِجْمَاعِ.
أَمَّا إِذَا ظَهَرَ الدَّلِيلُ النَّاقِلُ عَنْ حُكْمِ الدَّلِيلِ الْمُسْتَصْحَبِ، وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، كَالْبَيِّنَةِ الدَّالَّةِ عَلَى شُغْلِ ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ، وَتَخْصِيصِ الْعُمُومِ، وَتَرْكِ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: تَحْقِيقُ مَعْنَى اسْتِصْحَابِ الْحَالِ: هُوَ أَنَّ اعْتِقَادَ كَوْنِ الشَّيْءِ فِي الْمَاضِي أَوِ الْحَاضِرِ يُوجِبُ ظَنَّ ثُبُوتِهِ فِي الْحَالِ أَوِ الِاسْتِقْبَالِ.
وَيُمْكِنُ تَلْخِيصُ هَذَا بِأَنْ يُقَالَ: هُوَ ظَنُّ دَوَامِ الشَّيْءِ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ وُجُودِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَهُوَ - أَعْنِي هَذَا الظَّنَّ - حُجَّةٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، مِنْهُمْ: مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَالْمُزَنِيُّ، وَالصَّيْرَفِيُّ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَّالِيُّ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، خِلَافًا لِجُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute