وَالْمَأْخَذُ الصَّحِيحُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ التَّحْسِينُ الْعَقْلِيُّ، فَإِنَّ الْمُثْبِتَ يَقُولُ: الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ حُسْنُهَا ذَاتِيٌّ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الشَّرَائِعِ فَهِيَ حَسَنَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا فَتَرْكُنَا لَهَا قَبِيحٌ، وَالنَّافِي يَقُولُ: حُسْنُهَا شَرْعِيٌّ إِضَافِيٌّ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ حَسَنًا فِي حَقِّهِمْ قَبِيحًا فِي حَقِّنَا، وَعَلَى هَذَا أَيْضًا انْبَنَى الْخِلَافُ فِي جَوَازِ النَّسْخِ وَكَوْنِهِ رَفْعًا كَمَا سَبَقَ.
أَمَّا قَبْلَ الْبَعْثَةِ فَقِيلَ: كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَعَبَّدًا بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ لِشُمُولِ دَعْوَتِهِ لَهُ، وَقِيلَ: لَا؛ لِعَدَمِ وُصُولِهِ إِلَيْهِ بِطَرِيقٍ عِلْمِيٍّ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِزَمَنِ الْفَتْرَةِ، وَقِيلَ: التَّوَقُّفُ لِلتَّعَارُضِ.
ــ
قَوْلُهُ: " وَالْمَأْخَذُ الصَّحِيحُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ "، إِلَى آخِرِهِ. اعْلَمْ أَنَّا لَمَّا ذَكَرْنَا مَأْخَذَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ كَمَا قَدْ رَأَيْتَ، لَمْ يَتَحَقَّقْ وَاحِدٌ مِنَ الْمَأْخَذَيْنِ، فَاحْتَجْنَا إِلَى أَنْ نَذْكُرَ لَهَا مَأْخَذًا وَجِيزًا صَحِيحًا ; وَهُوَ التَّحْسِينُ الْعَقْلِيُّ كَمَا سَبَقَ شَرْحُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ. نَقُولُ: " الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ حُسْنُهَا ذَاتِيٌّ "، أَيْ: لِذَوَاتِهَا، أَوْ لِأَوْصَافٍ قَامَتْ بِهَا، وَالْحُسْنُ الذَّاتِيُّ وَنَحْوُهُ " لَا يَخْتَلِفُ فِي شَرْعِنَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا، كَتَحْرِيمِ الْقَتْلِ، وَالزِّنَى، وَالْقَذْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَتِ الْأَحْكَامُ حَسَنَةً حُسْنًا لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute