. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّرْعُ بِهِ، وَلَا حُسْنَ فِيمَا نَهَى عَنْهُ.
قَوْلُهُ: " أَمَّا قَبْلَ الْبَعْثَةِ "، إِلَى آخِرِهِ.
اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا هُوَ فِيمَا بَعْدَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا بُدَّ، أَمَّا قَبْلَ بِعْثَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ:
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: " كَانَ مُتَعَبَّدًا بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ " مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ " لِشُمُولِ دَعْوَتِهِ لَهُ "، أَيْ: لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ دَعَا إِلَى شَرْعِهِ كُلَّ الْمُكَلَّفِينَ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاحِدٌ مِنْهُمْ، فَيَتَنَاوَلُهُ عُمُومُ الدَّعْوَةِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ هَلْ كَانَ بِشَرْعِ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ أَوْ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.
قُلْتُ: وَمُقْتَضَى دَلِيلِهِمْ أَنْ يَتَعَيَّنَ شَرْعُ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ دَعْوَتَهُ عَمَّتْ، وَنَسَخَتْ مَا قَبِلَهَا مِنَ الشَّرَائِعِ، فَبِعُمُومِهَا تَنَاوَلَتِ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَبِنَسْخِهَا لِمَا قَبِلَهَا مَنَعَتْ مِنَ اتِّبَاعِهِ إِيَّاهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْسُوخَ فِي حُكْمِ الْمَعْدُومِ.
أَمَّا عُمُومُ دَعْوَتِهِ فَلِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: قَوْلُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} [الْمُؤْمِنُونَ: ٥٠] ، {وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} [الْأَنْبِيَاءِ: ٩١] ، {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ} [مَرْيَمَ: ٢١] ، وَالْآيَةُ: الْعَلَامَةُ، أَيْ: آيَةٌ عَلَى سَعَادَةِ السُّعَدَاءِ بِاتِّبَاعِهِ، وَعَلَى شَقَاوَةِ الْأَشْقِيَاءِ بِمُخَالَفَتِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي عُمُومَ الدَّعْوَةِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مَرْيَمَ: ٣١] ، أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute