للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَيْ: مُتَّجِهٌ فِي الْقِيَاسِ، وَالْقِيَاسُ حُجَّةٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِاسْتِحْسَانِ، أَوْ لَعَلَّهُ مِنْ بَابِ الْإِجْمَاعِ الدَّالِّ عَلَى النَّصِّ، أَوْ لَعَلَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَقَرَّ عَلَيْهِ، وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ. وَإِذَا كَانَ هَذَا الْحُكْمُ وَنَحْوُهُ تَصْلُحُ إِضَافَتُهُ إِلَى الْإِجْمَاعِ أَوِ النَّصِّ أَوِ الْقِيَاسِ، كَانَ إِضَافَتُهُ إِلَى الِاسْتِحْسَانِ تَحَكُّمًا.

قَوْلُهُ: «وَأَجْوَدُ مَا قِيلَ فِيهِ» ، أَيْ: فِي الِاسْتِحْسَانِ: «أَنَّهُ الْعُدُولُ بِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ نَظَائِرِهَا لِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ خَاصٍّ» .

قُلْتُ: مِثَالُهُ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ فِي مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ: وَإِذَا اشْتَرَى مَا بَاعَ بِأَقَلِّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ; لَمْ يُجْزِ اسْتِحْسَانًا، وَجَازَ قِيَاسًا، فَالْحُكْمُ فِي نَظَائِرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنَ الرِّبَوِيَّاتِ الْجَوَازُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، لَكِنْ عَدَلَ بِهَا عَنْ نَظَائِرِهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِحْسَانِ، فَمُنِعَتْ. وَحَاصِلُ هَذَا يَرْجِعُ إِلَى تَخْصِيصِ الدَّلِيلِ بِدَلِيلٍ أَقْوَى مِنْهُ فِي نَظَرِ الْمُجْتَهِدِ.

قَالَ ابْنُ الْمِعْمَارِ الْبَغْدَادِيُّ: وَمِثَالُ الِاسْتِحْسَانِ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ حَتَّى يُحْدِثَ.

وَقَالَ: يَجُوزُ شِرَاءُ أَرْضِ السَّوَادِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، قِيلَ لَهُ: فَكَيْفَ يُشْتَرَى مِمَّنْ لَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ، فَقَالَ: الْقِيَاسُ هَكَذَا، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَكَذَلِكَ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِ الْمُصْحَفِ، وَيُؤْمَرُ بِشِرَائِهِ اسْتِحْسَانًا.

قَوْلُهُ: «وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ» ، أَيِ: الْقَوْلُ بِالِاسْتِحْسَانِ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، كَذَلِكَ حُكِيَ فِي «الرَّوْضَةِ» عَنِ الْقَاضِي يَعْقُوبَ. قَالَ: وَهُوَ أَنْ يَتْرُكَ حُكْمًا إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>