أَوْ ضَرُورِيٌّ: وَهُوَ مَا عُرِفَ الْتِفَاتُ الشَّرْعِ إِلَيْهِ كَحِفْظِ الدِّينِ بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّ وَالدَّاعِيَةِ، وَالْعَقْلِ بِحَدِّ السُّكْرِ، وَالنَّفْسِ بِالْقِصَاصِ، وَالنَّسَبِ وَالْعِرْضِ بِحَدِّ الزِّنَى وَالْقَذْفِ، وَالْمَالِ بِقَطْعِ السَّارِقِ.
قَالَ مَالِكٌ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: هِيَ حُجَّةٌ لِعِلْمِنَا أَنَّهَا مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ. وَسَمَّوْهَا: مَصْلَحَةً مُرْسَلَةً، لَا قِيَاسًا؛ لِرُجُوعِ الْقِيَاسِ إِلَى أَصْلٍ مُعَيَّنٍ دُونَهَا.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَيْسَتْ حُجَّةً، إِذْ لَمْ تُعْلَمْ مُحَافَظَةُ الشَّرْعِ عَلَيْهَا ; وَلِذَلِكَ لَمْ يَشْرَعْ فِي زَوَاجِرِهَا أَبْلَغَ مِمَّا شَرَعَ، كَالْقَتْلِ فِي السَّرِقَةِ، فَإِثْبَاتُهَا حُجَّةً وَضْعٌ لِلشَّرْعِ بِالرَّأْيِ كَقَوْلِ مَالِكٍ: يَجُوزُ قَتْلُ ثُلُثِ الْخَلْقِ لِاسْتِصْلَاحِ الثُّلُثَيْنِ، وَمُحَافَظَةُ الشَّرْعِ عَلَى مَصْلَحَتِهِمْ بِهَذَا الطَّرِيقِ غَيْرُ مَعْلُومٍ.
ــ
الضَّرْبُ الثَّالِثُ: " الضَّرُورِيُّ "، أَيِ: الْوَاقِعُ فِي رُتْبَةِ الضَّرُورِيَّاتِ، أَيْ: هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِ سِيَاسَةِ الْعَالَمِ وَبَقَائِهِ وَانْتِظَامِ أَحْوَالِهِ، " وَهُوَ مَا عُرِفَ الْتِفَاتُ الشَّرْعِ إِلَيْهِ " وَالْعِنَايَةُ بِهِ كَالضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ، وَهِيَ " حِفْظُ الدِّينِ بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّ وَالدَّاعِيَةِ " إِلَى الرِّدَّةِ، وَعُقُوبَةِ الْمُبْتَدِعِ الدَّاعِي إِلَى الْبِدْعَةِ، وَحِفْظُ " الْعَقْلِ بِحَدِّ السُّكْرِ "، وَحِفْظُ النَّفْسِ بِالْقِصَاصِ "، وَحِفْظُ النَّسَبِ بِحَدِّ الزِّنَى الْمُفْضِي إِلَى تَضْيِيعِ الْأَنْسَابِ بِاخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ، وَحِفْظُ الْعِرْضِ بِحَدِّ الْقَذْفِ، وَحِفْظُ " الْمَالِ بِقَطْعِ السَّارِقِ ". وَقَدْ بَيَّنْتُ وَجْهَ ضَرُورِيَّةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي " الْقَوَاعِدِ الصُّغْرَى " مُسْتَقْصًى، فَهَذِهِ الْمَصْلَحَةُ الضَّرُورِيَّةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute