. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذَلِكَ بِالِاسْتِقْرَاءِ، فَمَهْمَا وَجَدْنَا مَصْلَحَةً غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ لِلشَّرْعِ، فَنَعْتَبِرُهَا؛ لِأَنَّ الظَّنَّ مَنَاطُ الْعَمَلِ.
قُلْتُ: هَذَا دَلِيلٌ قَوِيٌّ لَا يَتَّجِهُ الْقَدْحُ فِيهِ بِوَجْهٍ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ مِنَ الْمَنْعِ مِنْ زِرَاعَةِ الْعِنَبِ وَنَحْوِهِ، إِذْ هُوَ مَصْلَحَةٌ ; لِأَنَّا نَقُولُ: هَذِهِ مَصْلَحَةٌ نَصَّ الشَّرْعُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهَا، وَالْعَمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ إِنَّمَا هُوَ اجْتِهَادِيٌّ، فَلَوِ اعْتَبَرْنَا الْمَصْلَحَةَ الْمَنْصُوصَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهَا، لَكَانَ دَفْعًا لِلنَّصِّ بِالِاجْتِهَادِ، وَهُوَ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ.
قَالَ الْقَرَافِيُّ: يُنْقَلُ عَنْ مَذْهَبِنَا أَنَّ مِنْ خَوَاصِّهِ اعْتِبَارَ الْعَوَائِدِ، وَالْمَصْلَحَةَ الْمُرْسَلَةَ، وَسَدَّ الذَّرَائِعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. أَمَّا الْعُرْفُ فَمُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ، وَمَنِ اسْتَقْرَأَهَا وَجَدَهُمْ يُصَرِّحُونَ بِذَلِكَ فِيهَا.
قُلْتُ أَنَا: هَذَا كَمَا يَقُولُ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ يَرْجِعُ فِي الْقَبْضِ وَالْإِحْرَازِ وَكُلِّ مَا لَمْ يَرِدْ مِنَ الشَّرْعِ تَحْدِيدٌ فِيهِ إِلَى مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ.
قَالَ: وَأَمَّا الْمَصْلَحَةُ الْمُرْسَلَةُ، فَغَيْرُنَا يُصَرِّحُ بِإِنْكَارِهَا، وَلَكِنَّهُمْ عِنْدَ التَّفْرِيعِ تَجِدُهُمْ يُعَلِّلُونَ بِمُطْلَقِ الْمَصْلَحَةِ، وَلَا يُطَالِبُونَ أَنْفُسَهُمْ عِنْدَ الْفُرُوقِ وَالْجَوَامِعِ بِإِبْدَاءِ الشَّاهِدِ لَهَا بِالِاعْتِبَارِ، بَلْ يَعْتَمِدُونَ عَلَى مُجَرَّدِ الْمُنَاسَبَةِ.
قَالَ: وَأَمَّا الذَّرَائِعُ، فَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: مُعْتَبَرٌ إِجْمَاعًا، كَحَفْرِ الْآبَارِ فِي طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِلْقَاءِ السُّمِّ فِي أَطْعِمَتِهِمْ، وَسَبِّ الْأَصْنَامِ عِنْدَ مَنْ يُعْلَمُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَسُبُّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute