. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْحَدِّ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّا إِنْ قُلْنَا: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، فَظَاهِرٌ أَنَّهُ قِيَاسٌ شَرْعِيٌّ. وَإِنْ قُلْنَا: الْمُصِيبُ وَاحِدٌ لَا غَيْرُ، فَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، فَيَكُونُ الْجَمِيعُ أَقْيِسَةً شَرْعِيَّةً، إِذْ لَيْسَ بَعْضُهَا أَوْلَى بِالصِّحَّةِ أَوِ الْبُطْلَانِ مِنْ بَعْضٍ.
وَقَالَ الْآمِدِيُّ فِي «الْمُنْتَهَى» : الْقِيَاسُ فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ مُنْقَسِمٌ إِلَى قِيَاسِ الْعَكْسِ، وَهُوَ تَحْصِيلُ نَقِيضِ حُكْمٍ مَعْلُومٍ فِي غَيْرِهِ؛ لِافْتِرَاقِهِمَا فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ، وَإِلَى قِيَاسِ الطَّرْدِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الِاسْتِوَاءِ بَيْنَ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ فِي الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْ حُكْمِ الْأَصْلِ.
قُلْتُ: وَيَرِدُ عَلَى ظَاهِرِهِ الْقِيَاسُ عَلَى الْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ، فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَنْهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُسْتَنْبَطَةً.
قُلْتُ: وَمِنْ أَمْثِلَةِ قِيَاسِ الْعَكْسِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَ عَدَّدَ لِأَصْحَابِهِ وُجُوهَ الصَّدَقَةِ: وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ أَوْ قَالَ: وَالرَّجُلُ يَأْتِي أَهْلَهُ صَدَقَةٌ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيُؤْجَرُ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ يَعْنِي: أَكَانَ يُعَاقَبُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَمَهْ، يَعْنِي كَمَا أَنَّهُ إِذَا وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ يَأْثَمُ، كَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي حَلَالٍ يُؤْجَرُ، فَقَدْ حَصَّلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَقِيضَ حُكْمِ الْوَطْءِ الْمُبَاحِ، وَهُوَ الْإِثْمُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ الْحَرَامُ؛ لِافْتِرَاقِهِمَا فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ، وَهِيَ كَوْنُ هَذَا مُبَاحًا وَهَذَا حَرَامًا، وَهَذَا الْحَدِيثُ يُشْبِهُ مَا سَبَقَ مِنْ مَذْهَبِ الْكَعْبِيِّ أَنَّ الْمُبَاحَ مَأْمُورٌ بِهِ، وَيَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بَحْثٌ طَوِيلٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ.
وَقَالَ الْآمِدِيُّ أَيْضًا فِي «جَدَلِهِ» : الَّذِي نَرَاهُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ حَمْلُ مَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute