. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمُؤَلَّفِ مِنَ الْمُقَدِّمَتَيْنِ؛ لِأَنَّ قَوْلَنَا: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ، فَكَانَ حَرَامًا كَالْخَمْرِ ; مُخْتَصَرٌ مِنْ قَوْلِنَا: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ. وَقَوْلُنَا: الْأَرُزُّ مَكِيلٌ، فَيَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَالْبُرِّ، مُخْتَصَرٌ مِنْ قَوْلِنَا: الْأَرُزُّ مَكِيلٌ، وَكُلُّ مَكِيلٍ يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ. وَلَيْسَ فِي الْأَوَّلِ زِيَادَةً عَلَى الثَّانِي إِلَّا ذِكْرُ الْأَصْلِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ عَلَى جِهَةِ التَّنْظِيرِ بِهِ وَالتَّآنُسِ. وَلِهَذَا لَوْ قُلْنَا: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ فَهُوَ حَرَامٌ، وَالْأَرُزُّ مَكِيلٌ فَهُوَ رِبَوِيٌّ، لَحَصَلَ الْمَقْصُودُ.
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقِيَاسَ الشَّرْعِيَّ رَاجِعٌ إِلَى الْعَقْلِيِّ ; لَزِمَ فِيهِ مَا لَزِمَ فِي الْعَقْلِيِّ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ.
وَبَيَانُهُ: أَنَّ الْمُقَدِّمَتَيْنِ وَالنَّتِيجَةَ تَشْتَمِلُ عَلَى سِتَّةِ أَجْزَاءٍ مَا بَيْنَ مَوْضُوعٍ وَمَحْمُولٍ، يَسْقُطُ مِنْهَا بِالتَّكْرَارِ جُزْءَانِ، وَهُوَ الْحَدُّ الْأَوْسَطُ، يَبْقَى أَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ هِيَ أَرْكَانُ الْمَقْصُودِ، وَهِيَ الَّتِي يَقْتَصِرُ عَلَيْهَا الْفُقَهَاءُ فِي أَقْيِسَتِهِمْ.
مِثَالُهُ: أَنَّا نَقُولُ: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ، هَذَانِ جُزْءَانِ: مَوْضُوعٌ: وَهُوَ النَّبِيذُ، وَمَحْمُولٌ: وَهُوَ مُسْكِرٌ، وَهُمَا فِي عُرْفِ النُّحَاةِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ. ثُمَّ نَقُولُ: وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، فَهَذَانِ جُزْءَانِ، وَيَلْزَمُ عَنْ ذَلِكَ، النَّبِيذُ حَرَامٌ، وَهُمَا جُزْءَانِ آخَرَانِ ; صَارَتْ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ هَكَذَا: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، فَالنَّبِيذُ حَرَامٌ ; يَسْقُطُ مِنْهَا لَفْظُ مُسْكِرٍ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْأَوْلَى مَوْضُوعٌ فِي الثَّانِيَةِ ; يَبْقَى هَكَذَا: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ فَهُوَ حَرَامٌ، وَهُمَا صُورَةُ قِيَاسِ الْفُقَهَاءِ.
فَقَدْ بَانَ بِهَذَا أَنَّ الْقِيَاسَ الشَّرْعِيَّ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَقْلِيِّ فِي بِنَائِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ بِالْجُمْلَةِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْقِيَاسَ مَعْنًى إِضَافِيٌّ يَفْتَقِرُ فِي تَحْقِيقِهِ إِلَى مَقِيسٍ - وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute