. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَارْجِعْ إِلَيْهِ.
قَوْلُهُ: «وَهِيَ» ، يَعْنِي الْعِلَّةَ «فَرْعٌ فِي الْأَصْلِ» ، «أَصْلٌ فِي الْفَرْعِ» . أَمَّا أَنَّهَا «فَرْعٌ فِي الْأَصْلِ» ، فَلِأَنَّهَا مُسْتَنْبَطَةٌ مِنْ حُكْمِهِ، فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمَّا حَرَّمَ الْخَمْرَ، اسْتَنْبَطْنَا مِنْهُ أَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيِمِهَا الْإِسْكَارُ الْمُفْسِدُ لِلْعُقُولِ؛ إِذْ لَا مُنَاسِبَ لِلتَّحْرِيمِ فِيهَا سِوَاهُ، وَكَذَلِكَ لَمَّا نَصَّ عَلَى تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِي الْأَعْيَانِ السِّتَّةِ، اسْتَخْرَجْنَا مِنْ تَحْرِيمِهِ أَنَّ عِلَّتَهُ الْكَيْلُ أَوِ الْوَزْنُ مَعَ الْجِنْسِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ جَزْمٌ بِالْحُكْمِ وَهُوَ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ وَتَحْرِيمُ الْحُكْمِ مَعَ الْغَضَبِ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْعِلَّةَ تَبْدِيلُ الدِّينِ وَاضْطِرَابُ رَأْيِ الْقَاضِي بِالْغَضَبِ، فَكَانَتِ الْعِلَّةُ فَرْعًا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِالْحُكْمِ جَزَمًا، وَأَشَارَ إِلَيْهَا إِشَارَةً، وَالِاهْتِمَامُ بِالْأُصُولِ أَوْلَى مِنَ الِاهْتِمَامِ بِالْفُرُوعِ، فَكَانَ الْمَجْزُومُ بِهِ أَصْلًا، وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ فَرْعًا.
وَأَمَّا أَنَّ الْعِلَّةَ «أَصْلٌ فِي الْفَرْعِ» ; فَلِأَنَّهَا إِذَا تَحَقَّقَتْ فِيهِ، تَرَتَّبَ عَلَيْهَا إِثْبَاتُ حُكْمِ الْأَصْلِ، كَالْإِسْكَارِ لَمَّا تَحَقَّقَ فِي النَّبِيذِ، تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إِثْبَاتُ التَّحْرِيمِ، فَالْعِلَّةُ مُسْتَخْرَجَةٌ مِنْ حُكْمِ الْأَصْلِ، وَالْمُسْتَخْرَجُ فَرْعٌ عَلَى الْمُسْتَخْرَجِ مِنْهُ، وَالْحُكْمُ فِي الْفَرْعِ مَبْنِيٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، وَالْمَبْنِيُّ فَرْعٌ عَلَى الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ، وَالْمُتَرَتِّبُ فَرْعٌ عَلَى الْمُتَرَتَّبِ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: «وَالِاجْتِهَادُ فِيهَا» ، أَيْ: فِي الْعِلَّةِ، «إِمَّا بِبَيَانِ مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute