للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثَانِيًا فِي تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ، كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ، بَلْ يَكُونُ إِلْغَاءُ الْفَارِقِ ضَرْبًا مِنْ تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ.

قُلْتُ: فَقَدْ ذَكَرْتُ لَكَ جُمْلَةً مِنْ كَلَامِ الْفُضَلَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ بِلَفْظِهِ تَارَةً، وَبِمَعْنَاهُ أُخْرَى، وَمَعْنَى ذَلِكَ كُلِّهِ مُتَّحِدٌ أَوْ مُتَقَارِبٌ؛ لِتُقَابِلَ بَيْنَ كَلَامِهِمْ وَنَتَائِجِ قَرَائِحِهِمْ فِي ذَلِكَ، فَيَتَلَخَّصُ لَكَ الْمَقْصُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: «وَهُوَ» يَعْنِي تَخْرِيجَ الْمَنَاطِ هُوَ «الِاجْتِهَادُ الْقِيَاسِيُّ» ، أَيِ: الْقِيَاسُ الَّذِي وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِ، «وَأَجَازَ أَصْحَابُنَا التَّعَبُّدَ بِهِ عَقْلًا وشَرْعًا» ، أَيْ: دَلَّ دَلِيلُ الْعَقْلِ عَلَى جَوَازِ التَّعَبُّدِ بِهِ، «وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ، خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ وَالنَّظَّامِ، وَقَدْ أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ» ، أَيْ: إِلَى مَذْهَبِ النَّظَّامِ فِي إِنْكَارِ الْقِيَاسِ، فَقَالَ: يَجْتَنِبُ الْمُتَكَلِّمُ فِي الْفِقْهِ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ الْمُجْمَلَ وَالْقِيَاسَ، «وَحُمِلَ» يَعْنِي إِنْكَارَ أَحْمَدَ لَهُ «عَلَى قِيَاسٍ خَالَفَ نَصًّا» ، أَيْ: عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْقِيَاسُ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ مُخَالِفًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فَاسِدَ الِاعْتِبَارِ. كَذَلِكَ تَأَوَّلَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ تَأْوِيلٌ صَحِيحٌ؛ لِمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ.

وَمِمَّنْ أَنْكَرَ جَوَازَ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ عَقَلًا الشِّيعَةُ مَعَ النَّظَّامِ، وَيَحْيَى الْإِسْكَافِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُبَشِّرٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ حَرْبٍ مَنِ الْمُعْتَزِلَةِ. ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ.

قُلْتُ: لَعَلَّهُمْ هَؤُلَاءِ.

«وَقِيلَ: هُوَ» يَعْنِي الْقِيَاسَ «فِي مَظِنَّةِ الْجَوَازِ، وَلَا حُكْمَ لِلْعَقْلِ فِيهِ بِإِحَالَةٍ وَلَا إِيجَابٍ» ، أَيْ: لَا يُوجِبُ الْعَقْلُ التَّعَبُّدَ بِهِ، وَلَا يُحِيلُهُ بَلْ يُجِيزُ الْأَمْرَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>