للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي ; فَقَوْلُهُ: ائْتِي أَبَا بَكْرٍ فَلَيْسَ نَصًّا فِي الْخِلَافَةِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ نَصٌّ، لَكِنَّهُ خَبَرٌ لَا إِنْشَاءُ تَوْلِيَةٍ، وَلَا أَمْرٌ بِهَا، وَقَدْ يُخْبِرُ الْإِنْسَانُ بِمَا لَا يَرْضَاهُ وَلَا يَأْمُرُ بِهِ، وَمِنَ الْجَائِزِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كُشِفَ لَهُ بِوَحْيٍ أَوْ إِلْهَامٍ أَنَّ الْخَلِيفَةَ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِحُكْمِ الْمَقْدُورِ السَّابِقِ، وَلَمْ يُوصِ بِالتَّغْيِيرِ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ رِضَاهُ، كَمَا أَنَّهُ كُشِفَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ عَنْ قَتْلِ الْحُسَيْنِ وَمَوْتِ الْحَسَنِ مَسْمُومًا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى رِضَاهُ، وأَيْضًا فَلَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ وَنَحْوُهُ وَدَلَّ عَلَى إِمَامَةِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَا عَدَلَ عَنْهُ يَوْمَ السَّقِيفَةِ إِلَى الْأَدِلَّةِ الْعَامَّةِ، نَحْوِ قَوْلِهِ: «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» وَشِبْهِ ذَلِكَ مِمَّا احْتَجَّ بِهِ، بَلْ كَانَ صَدَعَهُمْ بِالنَّصِّ الْجَلِيِّ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا نَصَّ عَلَى إِمَامَتِهِ، فَمَا ثَبَتَ إِلَّا بِالْقِيَاسِ.

وَمِنْ ذَلِكَ قِيَاسُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «الزَّكَاةَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي قِتَالِ الْمُمْتَنِعِ مِنْهَا» بِجَامِعِ كَوْنِهِمَا عِبَادَتَيْنِ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ قَالَ: لَأَقْتُلُنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، وَكَذَلِكَ «تَقْدِيِمُهُمْ عُمَرَ» - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلْإِمَامَةِ بِعَهْدِ أَبِي بَكْرٍ «قِيَاسًا لِعَهْدِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِلَيْهِ عَلَى عَقْدِهِمْ إِمَامَةَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَضَايَا كَثِيرَةٍ» مَشْهُورَةٍ اسْتَعْمَلُوا فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>