للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: «قُلْنَا: لَا نَقِيسُ إِلَّا حَيْثُ يُفْهَمُ الْمَعْنَى، وَالْخِلَافُ فِي فَهْمِ الْمَعْنَى مَسْأَلَةٌ أُخْرَى» . تَقْرِيرُ هَذَا أَنَّا لَا نُنْكِرُ وُقُوعَ مَا ذَكَرْتُمْ فِي الشَّرْعِ، لَكِنَّا مَا ادَّعَيْنَا عُمُومَ وُقُوعِ الْقِيَاسِ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِهِ، بَلْ حَيْثُ فَهِمْنَا أَنَّ الْحُكْمَ ثَبْتَ لِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي، أَلْحَقَنَا بِهِ مَا وُجِدَ فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى مِنَ الْفُرُوعِ، كَالنَّبِيذِ مَعَ الْخَمْرِ، وَالْأَرُزِّ مَعَ الْبُرِّ. وَلِهَذَا قُلْنَا: الْأَحْكَامُ إِمَّا غَيْرُ مُعَلَّلٍ كَالتَّعَبُدَاتِ، أَوْ مُعَلَّلٍ كَالْحَجْرِ عَلَى الصَّبِيِّ لِضَعْفِ عَقْلِهِ حِفْظًا لِمَالِهِ، أَوْ مَا يَتَرَدَّدُ فِي كَوْنِهِ مُعَلَّلًا أَوَّلًا، كَقَوْلِنَا: اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ فِي غَسْلِ وُلُوغِ الْكَلْبِ هَلْ هُوَ تَعَبُّدٌ أَمْ مُعَلَّلٌ؟ وَخَرَجَ عَلَى ذَلِكَ الْخِلَافُ فِي قِيَامِ الْأُشْنَانِ وَالصَّابُونِ وَالْغَسْلَةِ الثَّامِنَةِ مَقَامَهُ ; إِنْ قُلْنَا: هُوَ تَعَبُّدٌ، لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، وَإِنْ قُلْنَا: مُعَلَّلٌ بِإِعَانَةِ الْمَاءِ عَلَى إِزَالَةِ أَثَرِ الْوُلُوغِ ; قَامَ ذَلِكَ مَقَامَهُ لِوُجُودِ مَعْنَى الْإِزَالَةِ، وَكَذَلِكَ إِنْ قُلْنَا: هُوَ تَعَبُّدٌ، كَفَى بِالتُّرَابِ مُسَمَّاهُ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ أَجْزَاءَ مَحَلِّ الْوُلُوغِ، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ مُعَلَّلٌ، اشْتُرِطَ تَعْمِيمُهُ بِهِ عَمَلًا بِمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ، وَكَذَلِكَ غَسْلُ الْيَدِ عِنْدَ الْوُضُوءِ وَعِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ إِنْ قِيلَ: هُوَ عِبَادَةٌ، وَجَبَتْ لَهُ النِّيَّةُ، وَإِنْ قِيلَ: نَظَافَةٌ، لَمْ يَجِبْ، وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرٌ.

وَبِالْجُمْلَةِ لَا نَقِيسُ إِلَّا حَيْثُ فَهِمْنَا الْمَعْنَى وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْقِيَاسِ، فَأَمَّا كَوْنُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْخَاصَّةِ مُعَلَّلَةً أَوْ غَيْرَ مُعَلَّلَةِ ; فَتِلْكَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى خَارِجَةٌ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ يَثْبُتُ فِيهَا مِنَ الْحُكْمِ بِالتَّعَبُّدِ أَوِ التَّعَلُّلِ مَا قَامَ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَوَابَ الْمَذْكُورَ عَنِ الْحُجَّةِ الْمَذْكُورَةِ إِجْمَالِيٌّ، وَالْجَوَابُ التَّفْصِيلِيُّ أَنَّ الصُّوَرَ الْمَذْكُورَةَ فِيهَا كُلُّهَا أَوْ جُلُّهَا يُمْكِنُ التَّخَلُّصُ عَنْهُ إِمَّا بِمَنْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>