للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: وَجُوبُهَا مَعَ اسْتِحَالَةِ فِعْلِهَا فِي الْكُفْرِ، وَانْتِفَاءُ قَضَائِهَا فِي الْإِسْلَامِ غَيْرُ مُفِيدٍ.

قُلْنَا: الْوُجُوبُ بِشَرْطِ تَقْدِيمِ الشَّرْطِ، كَمَا سَبَقَ. وَالْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، أَوْ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ، وَلَكِنِ انْتَفَى بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، نَحْوَ: «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» . وَفَائِدَةُ الْوُجُوبِ، عِقَابُهُمْ عَلَى تَرْكِهَا فِي الْآخِرَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ النَّصُّ، نَحْوَ: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} {الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} . وَالتَّكْلِيفُ بِالْمَنَاهِي، يَسْتَدْعِي نِيَّةَ التَّرْكِ تَقَرُّبًا. وَلَا نِيَّةَ لِكَافِرٍ.

ــ

قَوْلُهُ: «قَالُوا: وَجُوبُهَا مَعَ اسْتِحَالَةِ فِعْلِهَا فِي الْكُفْرِ، وَانْتِفَاءِ قَضَائِهَا فِي الْإِسْلَامِ، غَيْرُ مُفِيدٍ» .

هَذَا دَلِيلُ الْمَانِعِينَ مِنْ تَكْلِيفِهِمْ بِالْفُرُوعِ. وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ التَّكْلِيفَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُفِيدًا، إِذْ هُوَ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ عَبَثٌ مُحَالٌ عَلَى الشَّرْعِ. وَالْفَائِدَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ صِحَّةُ فِعْلِهَا حَالَ الْكُفْرِ، أَوْ وُجُوبُ قَضَائِهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ، لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا تَصِحُّ مِنْهُ عِبَادَةٌ فَرْعِيَّةٌ حَالَ كُفْرِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ، فَيَنْتَفِي التَّكْلِيفُ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ.

قَوْلُهُ: «قُلْنَا» إِلَى آخِرِهِ. هَذَا جَوَابُ السُّؤَالِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ دَلِيلُهُمْ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ وُجُوبَهَا حَالَ الْكُفْرِ، إِنَّمَا هُوَ بِشَرْطِ تَقْدِيمِ الشَّرْطِ - وَهُوَ الْإِيمَانُ - كَمَا سَبَقَ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ، فَلَا يَرِدُ قَوْلُهُمْ: إِنَّ وُجُوبَهَا حَالَ الْكُفْرِ مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُمْ، لِأَنَّ الْمُحَالَ إِنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ أَوْجَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ مُطْلَقًا، وَنَحْنُ إِنَّمَا نُوجِبُهَا بِشَرْطِ تَقْدِيمِ الْإِيمَانِ، وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ قَضَائِهَا عَلَيْهِمْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، فَنَقُولُ:

قَضَاءُ الْعِبَادَاتِ اخْتُلِفَ فِيهِ، هَلْ هُوَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، أَوْ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ؟ يَعْنِي:

<<  <  ج: ص:  >  >>