للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ: لَا يُقَاسُ عَلَى أَصْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ بِحَالٍ؛ لِإِفْضَائِهِ إِلَى التَّسَلْسُلِ بِالِانْتِقَالِ، وَرُدَّ: بِأَنَّهُ رُكْنٌ فَجَازَ إِثْبَاتُهُ بِالدَّلِيلِ كَبَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ.

وَأَنْ لَا يَتَنَاوَلَ دَلِيلُ الْأَصْلِ الْفَرْعَ وَإِلَّا لَاسْتُغْنِيَ عَنِ الْقِيَاسِ.

وَأَنْ يَكُونَ مَعْقُولَ الْمَعْنَى، إِذْ لَا تَعْدِيَةَ بِدُونِ الْمَعْقُولِيَّةِ.

ــ

قَوْلُهُ: «وَقِيلَ: لَا يُقَاسُ عَلَى أَصْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ بِحَالٍ، لِإِفْضَائِهِ إِلَى التَّسَلْسُلِ بِالِانْتِقَالِ» ، يَعْنِي أَنَّهُ إِذَا قَاسَ عَلَى أَصْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، مَنَعَهُ الْخَصْمُ، فَإِنْ أَثْبَتَهُ الْمُسْتَدِلُّ بِقِيَاسٍ آخَرَ، جَازَ أَنْ يَكُونَ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَيْضًا، فَيَمْنَعُهُ الْخَصْمُ، وَيُفْضِي إِلَى الِانْتِقَالِ مِنْ مَسْأَلَةٍ إِلَى أُخْرَى، وَيَنْتَشِرُ الْكَلَامُ، وَيَتَسَلْسَلُ، وَإِنْ أَثْبَتَ الْأَصْلَ بِدَلِيلٍ غَيْرِ الْقِيَاسِ، فَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ الدَّلِيلُ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَالْمُرْسَلِ وَالْمَفْهُومِ وَنَحْوِهِ فَيُفْضِي إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: «وَرُدَّ» ، أَيْ: وَرُدَّ هَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَصْلَ «رُكْنٌ» مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ، «فَجَازَ إِثْبَاتُهُ» عِنْدَ النِّزَاعِ فِيهِ «بِالدَّلِيلِ كَبَقِيَّةِ» أَرْكَانِهِ مِنْ عِلَّةٍ وَحُكْمٍ وَغَيْرِهِمَا، وَالِانْتِقَالُ مِنْ مَسْأَلَةٍ إِلَى مَسْأَلَةٍ إِذَا عَادَ بِثُبُوتِ مَحَلِّ النِّزَاعِ، لَمْ يُمْنَعْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِثْبَاتُهُ، وَهُمَا سَاعِيَانِ فِيهِ بِتَقْرِيرِ مُقَدِّمَاتِهِ، فَهُمَا بِمَثَابَةِ مَنْ يَضْرِبُ اللَّبِنَ، وَيَعْمَلُ الطِّينَ لِيَبْنِيَ جِدَارًا، وَإِنَّمَا يُنْكِرُ هَذَا الْقَاصِرُونَ الَّذِينَ قَلَّتْ مَوَادُّهُمْ، فَيَرْتَبِطُونَ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ لَا يَخْرُجُونَ عَنْهُ، وَيُسَمُّونَهُ انْتِشَارًا فِي الْكَلَامِ وَتَفْرِيقًا لَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ مِنْ شُرُوطِ الْأَصْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>