للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَوَّلُ: الْعِلَّةُ أَمَارَةٌ، وَالْقَاصِرَةُ لَيْسَتْ أَمَارَةً عَلَى شَيْءٍ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ يَمْنَعُ الْعَمَلَ بِالظَّنِّ، تُرِكَ فِي الْمُتَعَدِّيَةِ لِفَائِدَتِهَا، فَفِي الْقَاصِرَةِ عَلَى الْأَصْلِ لِعَدَمِهَا.

الثَّانِي: التَّعْدِيَةُ فَرْعُ صِحَّةِ الْعِلِّيَّةِ، فَلَوْ عَلَّلْنَا الْعِلِّيَّةَ بِالتَّعْدِيَةِ لَزِمَ الدَّوْرُ؛ وَلِأَنَّ التَّعْدِيَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِلْعَقْلِيَّةِ والمَنْصُوصَةِ فَفِي الْمُسْتَنْبَطَةِ أَوْلَى، وَكَوْنُهَا لَيْسَتْ أَمَارَةً عَلَى شَيْءٍ مَمْنُوعٌ ; بَلْ هِيَ أَمَارَةٌ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ بِهَا فِي مَحَلِّ النَّصِّ، أَوْ كَوْنِهِ مُعَلَّلًا لَا تَعَبُّدًا، وَعَدَمُ الْعَمَلِ بِالظَّنِّ مَمْنُوعٌ؛ إِذْ مَبْنَى الشَّرْعِ عَلَيْهِ، وَأَكْثَرُ أَدِلَّتِهِ ظَنِّيَّةٌ، وَعَدَمُ فَائِدَتِهَا مَمْنُوعَةٌ؛ إِذْ فَائِدَتُهَا مَعْرِفَةُ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ، وَالنَّفْسُ إِلَى قَبُولِهِ أَمْيَلُ.

ــ

قَوْلُهُ: «الْأَوَّلُ» أَيِ: احْتَجَّ الْأَوَّلُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» وَهُوَ الْقَائِلُ بِإِبْطَالِهَا بِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ «الْعِلَّةَ» الشَّرْعِيَّةَ «أَمَارَةٌ» أَيْ: عَلَامَةٌ عَلَى الْحُكْمِ، وَالْعِلَّةُ «الْقَاصِرَةُ لَيْسَتْ أَمَارَةً عَلَى شَيْءٍ» ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ ثَبَتَ بِالنَّصِّ، فَيَبْقَى التَّعْلِيلُ بِهَا عَرِّيًا عَنْ فَائِدَةٍ؛ إِذْ فَائِدَتُهَا إِمَّا إِثْبَاتُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِمَا قُلْنَا، أَوْ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ لِقُصُورِهَا؛ إِذِ الثَّمَنِيَّةُ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً فِي غَيْرِ النَّقْدَيْنِ لِتَتَعَدَّى إِلَيْهِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ «الْأَصْلَ» يَنْفِي «الْعَمَلَ بِالظَّنِّ، تُرِكَ» ذَلِكَ «فِي الْمُتَعَدِّيَةِ لِفَائِدَتِهَا» بِالتَّعَدِّي إِلَى غَيْرِ مَحَلِّهَا «فَفِي الْقَاصِرَةِ» تَبْقَى «عَلَى الْأَصْلِ» فِي عَدَمِ الْعَمَلِ بِهَا. وَهَذَانَ الْوَجْهَانِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» .

الثَّالِثُ: أَنَّ الْقَاصِرَةَ لَا فَائِدَةَ فِيهَا لِعَدَمِ تَعَدِّيهَا، وَمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لَا يَرِدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>