. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَإِذَا كَانَتْ أَمَارَاتٍ لَمْ «يُشْتَرَطْ فِيهَا ذَلِكَ» لِأَنَّ الْأَمَارَةَ لَا يَجِبُ وُجُودُ حُكْمِهَا مَعَهَا أَبَدًا، بَلْ يَكْفِي وُجُودُهُ مَعَهَا فِي الْأَغْلَبِ الْأَكْثَرِ، كَالْغَيْثِ الرَّطْبِ أَمَارَةٌ عَلَى الْمَطَرِ; وَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَكَوْنِ مَرْكُوبِ الْقَاضِي عَلَى بَابِ الْأَمِيرِ أَمَارَةٌ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُ، وَإِنِ اخْتَلَفَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ.
قُلْتُ: قَدْ تَعَارَضَ هُنَا أَصْلَانِ، فَخَرَجَ الْخِلَافُ لِمُلَاحَظَتِهِمَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إِذَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى الْوَصْفِ بِطَرِيقٍ مِنْ طُرُقِهِ الِاسْتِنْبَاطِيَّةِ مِنْ مُنَاسَبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِذَا كَانَ الْفَرْضُ ذَلِكَ، فَالْأَصْلُ فِيمَا كَانَ مُنَاسِبًا وَقَامَ دَلِيلُ عِلِّيَّتِهِ فِي صُورَةٍ مَا أَنْ يَكُونَ عِلَّةً، وَتَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْهُ فِي صُورَةٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِفَوَاتِ شَرْطٍ، أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ، فَلَا يُلْغَى لِأَجْلِهِ وَصْفٌ قَامَ دَلِيلُ عِلِّيَّتِهِ. وَهَذَا الْأَصْلُ مُعَارَضٌ بِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ. أَمَّا وُجُودُ الْمَانِعِ وَنَحْوِهِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ; فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَلَا تَعَارُضَ، فَلَمَّا تَعَارَضَ هَذَانِ الْأَصْلَانِ، اتَّجَهَ الْمَذْهَبَانِ.
وَحُجَّةُ الْمَذْهَبِ الثَّالِثِ - وَإِنْ كُنَّا قَدْ أَشَرْنَا إِلَيْهَا وَإِلَى حُجَّةِ الرَّابِعِ أَيْضًا فِيمَا سَبَقَ -: هُوَ أَنَّ قِيَامَ الْمَانِعِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ صَالِحٌ لِإِحَالَةِ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، فَلَا وَجْهَ لِلْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ الْعِلِّيَّةِ مَعَ قِيَامِ دَلِيلِهَا، بِخِلَافِ مَا إِذَا لَمْ يَقُمْ مَانِعٌ، فَإِنَّ إِحَالَةَ تَخَلُّفِهِ عَلَى عَدَمِ الْعِلِّيَّةِ مُتَّجِهٌ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute