الثَّالِثُ: تَخَلُّفُ الْحُكْمِ لِفَوَاتِ مَحَلٍّ أَوْ شَرْطٍ لَا لِخَلَلٍ فِي رُكْنِ الْعِلَّةِ، نَحْوَ: الْبَيْعُ عِلَّةُ الْمِلْكِ، فَيَنْتَقِضُ بَيْعُ الْمَوْقُوفِ وَالْمَرْهُونِ، وَالسَّرِقَةُ عِلَّةُ الْقَطْعِ، فَتَنْتَقِضُ بِسَرِقَةِ الصَّبِيِّ أَوْ دُونَ النِّصَابِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَلَا تَفْسَدُ الْعِلَّةُ، وَفِي تَكْلِيفِ الْمُعَلِّلِ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ بِذِكْرِ مَا يُحَصِّلُهُ خِلَافٌ بَيْنِ الْجَدَلِيِّينَ يَسِيرُ الْخَطْبِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ نَاقِضٌ، وَفِي الْعِلَّةِ الْخِلَافُ السَّالِفُ، أَمَّا الْمَعْدُولُ عَنِ الْقِيَاسِ فَإِنْ فُهِمَتْ عِلَّتُهُ أُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَقِيَاسِ عَرِيَّةِ الْعِنَبِ عَلَى الرُّطَبِ، وَأَكْلِ بَقِيَّةِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى الْمَيْتَةِ لِلضَّرُورَةِ وَإِلَّا فَلَا، كَتَخْصِيصِ أَبِي بُرْدَةَ بِإِجْزَاءِ جَذَعَةِ الْمَعْزِ، وَخُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ بِكَمَالِهِ بَيِّنَةً، وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَوْلِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ، إِذْ شَرْطُ الْقِيَاسِ فَهْمُ الْمَعْنَى، وَحَيْثُ لَا فَهْمَ، فَلَا قِيَاسَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
الْقِسْمُ «الثَّالِثُ» مِنْ أَقْسَامِ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنِ الْعِلَّةِ تَخَلُّفُهُ لَا لِاسْتِثْنَاءٍ عَامٍّ عَنْ قَاعِدَةِ الْقِيَاسِ، وَلَا لِمُعَارَضَةِ عِلَّةٍ أُخْرَى، وَ «لَا لِخَلَلٍ فِي رُكْنِ الْعِلَّةِ» بَلْ «لِفَوَاتِ مَحَلٍّ أَوْ شَرْطٍ» كَقَوْلِنَا: «الْبَيْعُ عِلَّةُ الْمِلْكِ» وَقَدْ وَقَعَ، فَلْيَثْبُتُ الْمُلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، «فَيَنْتَقِضُ بِبَيْعِ الْمَوْقُوفِ وَالْمَرْهُونِ» وَأُمِّ الْوَلَدِ، فَقَدْ حَصَلَ الْبَيْعُ فِيهِ، وَلَمْ يُفِدِ الْمُلْكَ. فَيُقَالُ: لَمْ يَتَخَلَّفْ إِفَادَةُ الْبَيْعِ الْمُلْكَ، لِكَوْنِهِ لَيْسَ عِلَّةً لِإِفَادَتِهِ، بَلْ لِكَوْنِهِ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا، وَكَقَوْلِنَا: «السَّرِقَةُ عِلَّةُ الْقَطْعِ» وَقَدْ وُجِدَتْ فِي النَّبَّاشِ فَيُقْطَعُ، «فَتَنْتَقِضُ بِسَرِقَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute