. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَفَصَلَ الْغَزَالِيُّ بِجَوَازِ ذَلِكَ فِي الْعِلَلِ الْمَنْصُوصَةِ دُونَ الْمُسْتَنْبَطَةِ.
قَالَ الْآمِدِيُّ: وَالْمُخْتَارُ مَنْعُهُ.
قُلْتُ: وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ، وَهُوَ مُرَادُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ مِنْ إِطْلَاقِهِ بِدَلِيلِ سِيَاقِ كَلَامِهِ فِي أَثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ.
«لَنَا» أَيْ: عَلَى جَوَازِ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ، أَنَّ عِلَلَ الشَّرْعِ أَمَارَاتٌ وَمُعَرِّفَاتٌ، وَحِينَئِذٍ «لَا يَمْتَنِعُ» أَنْ يَجْعَلَ الشَّارِعُ «شَيْئَيْنِ أَمَارَةً عَلَى حُكْمٍ، كَاللَّمْسِ وَالْبَوْلِ» عَلَامَةً «عَلَى نَقْضِ الْوُضُوءِ، وَتَحْرِيمِ الرَّضِيعَةِ» عَلَى الشَّخْصِ الْوَاحِدِ، «لِكَوْنِهِ عَمَّهَا وَخَالَهَا» بِأَنْ تُرْضِعَهَا أُخْتُهُ، فَيَكُونُ خَالَهَا، لِأَنَّهَا بِنْتُ أُخْتِهِ مِنَ الرَّضَاعِ، وَتُرْضِعُهَا زَوْجَةُ أَخِيهِ بِلَبَنِ أَخِيهِ، فَيَكُونُ عَمَّهَا، لِأَنَّهَا بِنْتُ أَخِيهِ مِنَ الرَّضَاعِ، وَكَذَلِكَ تَعْلِيلُ تَحْرِيمِ وَطْءِ الْمَرْأَةِ بِالصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ وَالِاعْتِدَادِ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ تَحْرِيمِهِ بِالْعِدَّةِ وَالرِّدَّةِ، وَتَعْلِيلُ وُجُوبِ الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ وَالْمُحَارَبَةِ، وَتَحْرِيمُ الِاسْتِجْمَارِ بِالرَّوْثِ النَّجِسِ لِنَجَاسَتِهِ، وَكَوْنِهِ طَعَامَ إِخْوَانِنَا مِنَ الْجِنِّ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ لَا مَانِعَ مِنْهُ عَقْلًا وَلَا شَرْعًا. وَقَدْ وَقَعَ شَرْعًا، فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ.
قَوْلُهُ: «قَالُوا» يَعْنِي الْمَانِعِينَ لِذَلِكَ: لَوْ عُلِّلَ الْحُكْمُ الْوَاحِدُ بِعِلَّتَيْنِ، لَاجْتَمَعَ عَلَى الْأَثَرِ الْوَاحِدِ مُؤَثِّرَانِ، لَكِنَّهُ «لَا يَجْتَمِعُ عَلَى الْأَثَرِ» الْوَاحِدِ مُؤَثِّرَانِ، فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: لَا يَجْتَمِعُ عَلَى الْأَثَرِ مُؤَثِّرَانِ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُؤَثِّرَيْنِ اسْتَقَلَّ بِإِيجَادِ الْأَثَرِ، فَإِنْ أَثَّرَا فِيهِ مَعًا، لَزِمَ الِاسْتِغْنَاءُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ ثَبَتَ بِهِمَا. هَذَا خَلْفٌ، وَإِنْ أَثَّرَا فِيهِ مُتَعَاقِبَيْنِ، فَهُوَ إِنَّمَا ثَبَتَ بِالْأَوَّلِ، وَالثَّانِي لَيْسَ بِمُؤْثِرٍ لِعَدَمِ الْقَابِلِ لِتَأْثِيرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِإِيجَادِ الْأَثَرِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جُزْءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute