للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَيَثْبُتُ التَّحْرِيمُ فِيهِ، " وَإِثْبَاتُ " الْمُقَدِّمَةِ " الْأُولَى " وَهِيَ قَوْلُنَا هَاهُنَا: السُّكْرُ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ " بِالشَّرْعِ فَقَطْ " أَيْ: إِثْبَاتُ الْعِلَّةِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ، لِأَنَّهَا " وَضْعِيَّةٌ " أَيْ: مِمَّا وَضَعَهُ الشَّرْعُ، وَمَا اخْتَصَّ الشَّرْعُ بِوَضْعِهِ عِلَّةً وَعِلْمًا عَلَى الْحُكْمِ لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِدَلِيلٍ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِثْبَاتُ الْمُقَدِّمَةِ " الثَّانِيَةِ " وَهِيَ تَحْقِيقُ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ " بِالْعَقْلِ وَالْعُرْفِ وَالشَّرْعِ " لِأَنَّ طَرِيقَ إِثْبَاتِهَا فِي الْفَرْعِ لَيْسَ مِنْ خَوَاصِّ أَوْضَاعِ الشَّرْعِ، إِنَّمَا هُوَ اجْتِهَادٌ مِنَ الْمُجْتَهِدِ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ طَرِيقُ إِثْبَاتِهَا فِيهِ عَقْلِيًّا أَوْ عُرْفِيًّا أَوْ شَرْعِيًّا، أَيْ: مَعْلُومٌ بِالْعَقْلِ أَوِ الْعُرْفِ أَوِ الشَّرْعِ، وَيَتَعَلَّقُ بِأَذْيَالِ هَذَا الضَّرْبِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ مَا هُوَ دُونَهُ فِي الْقُوَّةِ وَهُوَ مَظْنُونٌ، كَقَوْلِنَا: إِذَا أَضَافَ الْعِتْقَ إِلَى عُضْوٍ مُعَيَّنٍ، سَرَى، فَإِذَا أَضَافَهُ إِلَى جُزْءٍ شَائِعٍ كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ، يَسْرِي أَيْضًا، وَالْجَامِعُ أَنَّ هَذَا بَعْضٌ، وَهَذَا بَعْضٌ، فَهَذَا فِي مَحَلِّ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ، إِذْ شُيُوعُ الْبَعْضِ وَتَعْيِينُهُ مَثَارٌ لِفَرْقٍ مُنْقَدِحٍ فِي نَظَرِ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ.

فَيَحْصُلُ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الْإِلْحَاقَ الْمَقْطُوعَ بِهِ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا الْفَرْعُ أَوْلَى فِيهِ بِالْحُكْمِ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ، ثُمَّ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: مَا الْأَمْرُ فِيهِ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ، كَالضَّرْبِ مَعَ التَّأْفِيفِ، وَهُوَ فَحْوَى الْخِطَابِ، وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ، كَشَهَادَةِ الْكَافِرِ مَعَ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ، وَالْأَوَّلُ أَقْوَى مِنَ الثَّانِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>