الثَّانِي: تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ، نَحْوَ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} ، {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} أَيْ: لِتَقْوَاهُ وَتَوَكُّلِهِ لِتَعَقُّبِ الْجَزَاءِ الشَّرْطَ.
الثَّالِثُ: ذِكْرُ الْحُكْمِ جَوَابًا لِسُؤَالٍ يُفِيدُ أَنَّ السُّؤَالَ أَوْ مَضْمُونَهُ عِلَّتُهُ، كَقَوْلِهِ: «أَعْتِقْ رَقَبَةً» فِي جَوَابِ سُؤَالِ الْأَعْرَابِيِّ، إِذْ هُوَ فِي مَعْنَى: حَيْثُ وَاقَعْتَ، فَأَعْتِقْ، وَإِلَّا لَتَأَخَّرَ الْبَيَانُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ.
الرَّابِعُ: أَنْ يُذْكَرَ مَعَ الْحُكْمِ مَا لَوْ لَمْ يُعَلَّلْ بِهِ، لَلَغَى، فَيُعَلَّلُ بِهِ صِيَانَةً لِكَلَامِ الشَّارِعِ عَنِ اللَّغْوِ، نَحْوَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حِينَ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا إِذَنْ» فَهُوَ اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ لَا اسْتِعْلَامِيٌّ لِظُهُورِهِ، وَكَعُدُولِهِ فِي الْجَوَابِ إِلَى نَظِيرِ مَحَلِّ السُّؤَالِ نَحْوَ:
أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ، «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ» .
ــ
وَ «الثَّانِي» : أَيْ: النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ الْإِيمَاءِ «تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ» أَيْ: بِصِيغَةِ الشَّرْطِ وَالْجَوَابِ، «نَحْوَ» قَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطَّلَاقِ: ٢] ، أَيْ: لِأَجْلِ تَقْوَاهُ، {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطَّلَاقِ: ٣] ، أَيْ: لِأَجْلِ «تَوَكُّلِهِ، لِتَعَقُّبِ الْجَزَاءِ الشَّرْطَ» أَيْ: لِأَنَّ الْجَزَاءَ يَكُونُ عَقِيبَ الشَّرْطِ فِي اللُّغَةِ. وَقَدْ ثَبَتَ بِمَا سَبَقَ أَنَّ السَّبَبَ مَا ثَبَتَ الْحُكْمُ عَقِيبَهُ، فَإِذَنِ الشَّرْطُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصِّيَغِ سَبَبُ الْجَزَاءِ، فَيَكُونُ الشَّرْطُ اللُّغَوِيُّ سَبَبًا وَعِلَّةً. وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الشُّرُوطَ اللُّغَوِيَّةَ أَسْبَابٌ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا النَّوْعِ قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الْأَحْزَابِ: ٣٠] ، {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الْأَحْزَابِ: ٣١] ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute