للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الشَّرْطَ لَازِمٌ، وَالْمَشْرُوطَ مَلْزُومٌ، وَالْمَلْزُومَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ اللَّازِمِ، وَثُبُوتَهُ فَرْعٌ عَلَى ثُبُوتِهِ، وَاعْتُبِرَ ذَلِكَ بِالْمَحْسُوسِ، كَالْجِدَارِ وَالسَّقْفِ، فَإِنَّ السَّقْفَ إِنَّمَا يُوجَدُ بَعْدَ وُجُودِ الْجِدَارِ، وَالْإِنْسَانَ إِنَّمَا يَعْقِلُ بَعْدَ تَعَقُّلِ الْحَيَوَانِ اللَّازِمِ لَهُ.

أَمَّا مَا سَبَقَ، فَإِنَّ مَا بَعْدَ الْفَاءِ قَدْ يَكُونُ حُكْمًا نَحْوَ: {قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا} [الْبَقَرَةِ: ٢٢٢] ، وَقَدْ يَكُونُ عِلَّةً، نَحْوَ: لَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ مُلَبِّيًا، فَإِنَّ بَعْثَهُ مُلَبِّيًا هُوَ عِلَّةُ تَجْنِيبِهِ الطِّيبَ. وَهَذَا عِنْدَ التَّحْقِيقِ يَرْجِعُ إِلَى بَابِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، لِأَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ قَدْ يَتَضَمَّنَانِ الشَّرْطَ، فَيُجْزَمُ جَوَابُهُمَا، نَحْوَ قَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} {يَرِثُنِي} [مَرْيَمَ: ٥ - ٦] ، أَيْ: هَبْ لِي، فَإِنَّكَ إِنْ تَهَبْ لِي وَلِيًّا يَرِثُنِي. وَقَوْلُكَ: لَا تَقْرَبِ الشَّرَّ، تَنْجُ، أَيْ: لَا تَقْرَبْهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَقْرَبْهُ، تَنْجُ. وَتَدْخُلُ الْفَاءُ فِي جَوَابِهِمَا، كَقَوْلِهِ: لَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا فَإِنَّهُ يُبْعَثُ أَيْ: مَنْ مَاتَ مُحْرِمًا، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ مُلَبِّيًا، فَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا. وَقَوْلُهُ: زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ أَيْ: مَنْ مَاتَ شَهِيدًا، فَإِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ تَشْخُبُ أَوْدَاجُهُمْ، فَزَمِّلُوهُمْ، فَالظَّاهِرُ اسْتِوَاءُ الصِّيَغِ جَمِيعِهَا فِي تَأَخُّرِ الْحُكْمِ وَتَرَتُّبِهِ عَلَى الْوَصْفِ، لِأَنَّ الْحُكْمَ إِمَّا مُسَبَّبٌ أَوْ مَشْرُوطٌ، وَهُوَ مُسَبِّبٌ أَيْضًا، وَكَّلَاهُمَا مُتَأَخِّرٌ. نَعَمْ بَعْضُ ذَلِكَ مُتَأَخِّرٌ تَحْقِيقًا، وَبَعْضُهُ تَقْدِيرًا كَمَا ذَكَرْنَا.

«الثَّالِثُ» : أَيْ: النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِيمَاءِ: «ذِكْرُ الْحُكْمِ جَوَابًا لِسُؤَالٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>