للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْحُكْمَ عَقِيبَهُ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ الْمَسْئُولَ عَنْهُ عِلَّةُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ.

مِثَالُهُ: لَمَّا سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، قَالَ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَلَا إِذَنْ فَهَذَا «اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ» أَيْ: عَلَى جِهَةِ التَّقْرِيرِ، لِكَوْنِهِ يَنْقُصُ إِذَا يَبِسَ، كَقَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى} [طه: ١٧] ، لِيُقَرِّرَ عِنْدَهُ أَنَّهَا عَصَا لِئَلَّا يَتَرَدَّدَ عِنْدَ انْقِلَابِهَا حَيَّةً، أَوْ عَلَى جِهَةِ التَّأْنِيسِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الِاسْتِعْلَامِ، إِذْ مِنَ الْمَعْلُومِ لِكُلِّ عَاقِلٍ أَنَّ الرُّطَبَ يَنْقُصُ إِذَا يَبِسَ لِزَوَالِ الرُّطُوبَةِ الْمُوجِبَةِ لِزِيَادَتِهِ وَثِقَلِهِ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْعِلَّةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ لَا مَعْنًى لِذِكْرِ هَذَا الْوَصْفِ إِلَّا التَّعْلِيلَ بِهِ.

الثَّانِي: قَوْلُهُ: «إِذَنْ» فَإِنَّهُ لِلتَّعْلِيلِ.

قُلْتُ: وَبَيَانُهُ أَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ: إِذِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا تَبِيعُوهُ، أَوْ فَلَا تَفْعَلُوا إِذَنْ.

الثَّالِثُ: الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَلَا، إِذْ هِيَ لِلتَّعْقِيبِ وَالسَّبَبِ كَمَا سَبَقَ، كَأَنَّهُ جَعَلَ النَّقْصَ الْمُوجِبَ لِلتَّفَاضُلِ سَبَبَ الْمَنْعِ.

قَوْلُهُ: «وَكَعُدُولِهِ فِي الْجَوَابِ إِلَى نَظِيرِ مَحَلِّ السُّؤَالِ» كَقَوْلِهِ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا قَالَ لَهُ: إِنِّي قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ.، وَكَقَوْلِهِ لِلْخَثْعَمِيَّةِ لَمَّا سَأَلَتْهُ عَنِ الْحَجِّ عَنْ أَبِيهَا: أَرَأَيْتِ لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>