. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَإِنِ اقْتَضَاهُ سَبَبٌ، وَتَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ حِكْمَةٌ، لَكِنَّ سَبَبَهُ تَارَةً يُنَاسِبُ، وَتَارَةً لَا يُنَاسِبُ كَأَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ لِنَقْضِ الْوُضُوءِ.
قَوْلُهُ: «فَيُفِيدُ التَّعْلِيلُ بِهِ» أَيْ: مَتَى كَانَ الْوَصْفُ مِمَّا يُتَوَقَّعُ عَقِيبَهُ مَصْلَحَةٌ لِرَابِطِ عَقْلِيٍّ، فَهُوَ مُنَاسِبٌ، فَيُفِيدُنَا تَعْلِيلُ الْحُكْمِ، أَيْ: إِنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّلٌ بِهِ، «لِإِلْفِنَا مِنَ الشَّارِعِ رِعَايَةَ» مَصَالِحِ الْعِبَادِ تَفَضُّلًا لَا وُجُوبًا، فَمَتَى رَأَيْنَا حُكْمًا ثَبَتَ عَقِيبَ وَصْفٍ مُنَاسِبٍ، وَذَلِكَ الْحُكْمُ مُتَضَمِّنٌ مَصْلَحَةً; غَلَبَ عَلَى ظَنِّنَا أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ ثَبَتَ لِتَحْصِيلِ تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي أَفْضَى إِلَيْهَا ذَلِكَ الْوَصْفُ.
«وَبِالْجُمْلَةِ مَتَى أَفْضَى الْحُكْمُ إِلَى مَصْلَحَةٍ عُلِّلَ بِالْوَصْفِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهَا» كَقَتْلِ الْمُرْتَدِّ الْمُفْضِي إِلَى صِيَانَةِ الدِّينِ، يُعَلَّلُ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تَبْدِيلُ الدِّينِ مِنَ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي دَرْؤُهَا مِنْ أَكْبَرِ الْمَصَالِحِ.
قَالَ الْآمِدِيُّ: الْحِكْمَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ نَاشِئَةً عَنْ ضَابِطِهَا، أَوْ لَا، فَالْأَوَّلُ كَمَشَقَّةِ السَّفَرِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي جَوَازِ التَّرَخُّصِ. وَالثَّانِي وَهُوَ الَّذِي لَا تَكُونُ الْحِكْمَةُ فِيهِ نَاشِئَةً عَنْ ضَابِطِهَا; إِمَّا أَنْ يَكُونَ الضَّابِطُ دَالًّا عَلَى الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، أَوْ لَا. فَالْأَوَّلُ: كَالِانْتِفَاعِ الْمُعْتَبَرِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّصَرُّفِ مِنَ الْأَهْلِ. وَالثَّانِي: كَزِيَادَةِ النِّعْمَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي إِيجَابِ الزَّكَاةِ بِالنَّظَرِ إِلَى مِلْكِ النِّصَّابِ.
قُلْتُ: هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ بِأَبْسَطَ مِنْهُ، وَرُبَّمَا كَانَ فِيهِ غُمُوضٌ عَلَى بَعْضِ النَّاظِرِينَ، وَقَدْ سَبَقَ مَعْنَاهُ مُمَثَّلًا، وَضَابِطُ الْحِكْمَةِ هُوَ الْوَصْفُ الَّذِي رَتَّبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute