للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَقُولُ: هَذَا الْمِثَالُ هُوَ مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ; وَهُوَ مَا أَثَّرَ عَيْنُهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، لِأَنَّ نَوْعَ الْمَشَقَّةِ فِي التَّأْثِيرِ وَاحِدٌ، وَكَذَا نَوْعُ الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا مِنْ جِهَةِ سَبَبِهِمَا، إِذْ هَذِهِ مَشَقَّةُ تَكْرَارٍ، وَهَذِهِ مَشَقَّةُ إِتْمَامٍ، وَهَذَا سُقُوطُ أَصْلِ الصَّلَاةِ، وَذَاكَ سُقُوطُ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا.

وَالْأَجْوَدُ أَنْ يُقَالَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ: كَإِسْقَاطِ الصَّلَاةِ عَنِ الْحَائِضِ لِلْمَشَقَّةِ، فَإِنَّ جِنْسَ الْمَشَقَّةِ أَثَّرَ فِي عَيْنِ هَذَا السُّقُوطِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمُسَافِرٍ وَلَا غَيْرِهِ. وَهَذَا يُسَمَّى «الْمُلَائِمَ» أَيِ: الْمُوَافِقَ أَيْ: هُوَ مُوَافِقٌ لِتَصَرُّفِ الشَّرْعِ فِي تَأْثِيرِ جِنْسِ الْأَسْبَابِ فِي أَعْيَانِ الْأَحْكَامِ، وَهَذَا تَخْصِيصٌ اصْطِلَاحِيٌّ، وَإِلَّا فَسَائِرُ أَقْسَامِ الْمُنَاسِبِ مُلَائِمَةٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، إِذْ هِيَ مُوَافِقَةٌ لِجِنْسِ مُرَاعَاةِ الشَّرْعِ لِلْمَصَالِحِ الْمُنَاسِبَةِ، وَكَذَلِكَ تَحْرِيمُ يَسِيرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ، وَالْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ لِإِفْضَاءِ ذَلِكَ بِالِاسْتِرْسَالِ فِيهِ إِلَى السُّكْرِ وَالْوَطْءِ الْمُحَرَّمَيْنِ مِنْ بَابِ حَسْمِ الْمَوَادِّ، فَجِنْسُ حَسْمِ الْمَوَادِّ أَثَّرَ فِي تَحْرِيمِ عَيْنِ شُرْبِ الْيَسِيرِ وَعَيْنِ الْخَلْوَةِ.

قَوْلُهُ: «وَإِنْ ظَهَرَ تَأْثِيرُ جِنْسِهِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ» إِلَى آخِرِهِ.

هَذَا مِثَالُ الْقِسْمِ الرَّابِعِ مِنْ أَقْسَامِ الْمُنَاسِبِ، وَهُوَ مَا أَثَّرَ جِنْسُهُ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ، «كَتَأْثِيرِ جِنْسِ الْمَصَالِحِ فِي جِنْسِ الْأَحْكَامِ» أَيْ: إِلْحَاقُ بَعْضِ الْأَحْكَامِ بِبَعْضٍ بِجَامِعِ الْمُنَاسَبَةِ الْمَصْلَحِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ.

وَمَثَّلَهُ الْقَرَافِيُّ بِإِلْحَاقِ شَارِبِ الْخَمْرِ بِالْقَاذِفِ فِي جَلْدِهِ ثَمَانِينَ، كَمَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَرَاهُ إِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، فَأَرَى عَلَيْهِ حَدَّ الْمُفْتَرِي. فَأَخَذَ مُطْلَقَ الْمُنَاسَبَةِ، وَمُطْلَقَ الْمَظِنَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>