. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بِمُفْسِدٍ آخَرَ " كَكَوْنِهَا قَاصِرَةً أَوْ عَدَمِيَّةً، أَوْ طَرْدِيَّةً غَيْرَ مُنَاسِبَةٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى التَّعْلِيلَ بِذَلِكَ، وَمَا مِثَالُ مَنْ يَقُولُ: هَذِهِ الْعِلَّةُ صَحِيحَةٌ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُنْتَقِضَةً، إِلَّا مِثَالُ مَنْ يَقُولُ: هَذَا الْعَبْدُ صَحِيحٌ سَلِيمٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَعْمَى، إِذْ جَازَ أَنْ تَنْتَفِيَ سَلَامَتُهُ بِبَرَصٍ أَوْ عَرَجٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ صِحَّةَ الْعِلَّةِ حُكْمٌ، وَالْأَحْكَامُ إِنَّمَا تَثْبُتُ " صِحَّتُهَا بِدَلِيلِ الصِّحَّةِ لَا بِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ " وَ " بِوُجُودِ الْمُقْتَضِي، لَا بِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ " وَعَدَالَةُ الشَّاهِدِ وَالرَّاوِي إِنَّمَا تَثْبُتُ " بِحُصُولِ الْمُعَدِّلِ لَا بِانْتِفَاءِ الْجَارِحِ " فَكَذَلِكَ الْعِلَّةُ إِنَّمَا تَصِحُّ بِوُجُودِ مُصَحِّحِهَا، لَا بِانْتِفَاءِ مُفْسِدِهَا.
" وَقَوْلُ الْقَائِلِ ": هَذِهِ الْعِلَّةُ صَحِيحَةٌ، إِذْ " لَا دَلِيلَ عَلَى فَسَادِهَا " " مُعَارَضٌ " بِقَوْلِ الْخَصْمِ: هِيَ فَاسِدَةٌ، إِذْ " لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهَا ".
وَمِنَ الطُّرُقِ الْفَاسِدَةِ فِي إِثْبَاتِهَا الِاسْتِدْلَالُ عَلَى صِحَّتِهَا بِاقْتِرَانِ الْحُكْمِ بِهَا، وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ، إِذِ الْحُكْمُ يَقْتَرِنُ بِمَا يُلَازِمُ الْعِلَّةَ وَلَيْسَ بِعِلَّةٍ، كَاقْتِرَانِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ بِلَوْنِهَا وَطَعْمِهَا وَرِيحِهَا، وَإِنَّمَا الْعِلَّةُ الْإِسْكَارُ.
وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ مِنَ الطُّرُقِ الْفَاسِدَةِ فِي هَذَا الْبَابِ ثَلَاثُ طُرُقٍ:
أَحَدُهَا: سَلَامَةُ الْعِلَّةِ عَنْ عِلَّةٍ تُفْسِدُهَا وَتَقْتَضِي نَقِيضَ حُكْمِهَا.
الثَّانِي: اطِّرَادُهَا وَجَرَيَانُهَا فِي حُكْمِهَا.
الثَّالِثُ: اطِّرَادُهَا وَانْعِكَاسُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَرَانَ لَا يُفِيدُ الْعِلِّيَّةَ، وَالطَّرِيقَانِ الْأَوَّلَانِ مُسْتَفَادَانِ مِنْ " الْمُخْتَصَرِ ".
وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَمَمْنُوعٌ بِمَا سَبَقَ مِنْ إِفَادَةِ الدَّوَرَانِ الْعِلِّيَّةِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: " وَإِذَا لَزِمَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْوَصْفِ مَفْسَدَةٌ مُسَاوِيَةٌ أَوْ رَاجِحَةٌ " إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute