. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَارَضَتِ الْمَصْلَحَةَ، لَا تُبْطِلُ حَقِيقَتَهَا.
نَعَمْ قَدْ يَخْفَى أَثَرُهَا، وَيُمْنَعُ اعْتِبَارُهَا، بِالْعَرْضِ إِذَا سَاوَتْهَا، أَوْ تَرَجَّحَتْ عَلَيْهَا، كَمَا قَرَّرْنَا فِي بَابِ الِاسْتِصْلَاحِ وَالْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ، وَأَكْثَرُ مَنْ يَعْتَبِرُ الْمَصْلَحَةَ مَعَ الْمَفْسَدَةِ الْأَطِبَّاءُ فِي الْأَدْوِيَةِ وَالْأَغْذِيَةِ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْغِذَاءُ الْفُلَانِيُّ نَافِعٌ مِنْ جِهَةِ كَذَا; مُضِرٌّ مِنْ جِهَةِ كَذَا، وَيُصْلِحُهُ كَذَا، " وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى " فِي شَأْنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ: {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [الْبَقَرَةِ: ٢١٩] ، " فَأَثْبَتَ النَّفْعَ " وَهُوَ مَصْلَحَةٌ، " مَعَ تَضَمُّنِهِ لِلْإِثْمِ، وَهُوَ مَفْسَدَةٌ، وَنَفْعُ الْخَمْرِ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى، كَمَا قَالَ الْحَرِيرِيُّ:
فَإِنَّ الْمُدَامَ تُقَوِّي الْعِظَامَ ... وَتَشْفِي السَّقَامَ وَتَنْفَيِ التَّرَحْ
وَالْأَطِبَّاءُ كَثِيرًا مَا يَضَعُونَهَا فِي أَنْوَاعِ الْمُدَاوَاةِ وَالْمُعَالَجَاتِ، وَرَخَّصَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي التَّدَاوِي بِهَا.
وَأَمَّا الْمَيْسِرُ، وَهُوَ الْقِمَارُ; فَنَفْعُهُ تَكْثِيرُ الْمَالِ، إِذْ هُوَ تِجَارَةٌ مُحَرَّمَةٌ كَالرِّبَا، وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُوَسِّعُونَ بِمَا يَسْتَفِيدُونَ مِنْهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَيَذُمُّونَ مَنْ لَا يَحْضُرُهُ، وَيُقْدِمُ عَلَيْهِ، وَيُسَمُّونَهُ الْبَرَمَ، أَيْ: الْبَخِيلَ.
وَأَمَّا مَفْسَدَتُهُمَا الَّتِي تَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْإِثْمُ، فَإِفْسَادُ الْعَقْلِ فِي الْخَمْرِ، وَالتَّغَابُنُ بِأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ فِي الْمَيْسِرِ، وَالنِّزَاعُ الْمَذْكُورُ إِنَّمَا هُوَ فِي اخْتِلَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute