. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَلْبِ الْحَقَائِقِ بِجَعْلِ الْعِلَّةِ مَعْلُولًا وَالْمَعْلُولِ عِلَّةً.
الثَّانِي: أَنَّ الْحُكْمَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الْحُكْمِيَّةِ، فَجَعْلُ أَحَدِهِمَا عِلَّةً دُونَ الْآخَرِ تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لِمَا نَقُولُ، إِذِ الْحُكْمُ مَعْلُولٌ لِعِلَّتِهِ، وَعِلَّةٌ لِمَعْلُولِهِ، فَيَكُونُ عِلَّةً وَمَعْلُولًا بِالْإِضَافَةِ، إِذْ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مُنَاسِبًا لِتَعْرِيفِ حُكْمٍ آخَرَ، وَذَلِكَ الْآخَرُ مُنَاسِبٌ لِتَعْرِيفِ حُكْمٍ آخَرَ، كَقَوْلِنَا فِي الْخَمْرِ: نَجِسٌ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، كَالْمَيْتَةِ، ثُمَّ نَقُولُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، فَلَا يَجُوزُ رَهْنُهُ، كَالْحُرِّ، فَالنَّجَاسَةُ أَثَّرَتْ فِي عَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ، وَعَدَمُ جَوَازِ الْبَيْعِ عَرَّفَ عَدَمَ جَوَازِ الرَّهْنِ.
وَعَنِ الْوَجْهِ الثَّانِي: بِمَنْعِ كَوْنِهِ تَرْجِيحًا مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ بَلِ الْمُرَجِّحُ الْمُنَاسَبَةُ، وَالنَّجَاسَةُ مُنَاسِبَةٌ لِلتَّحْرِيمِ فِي قَوْلِنَا: نَجِسٌ فَيُحَرَّمُ، وَلَوْ عَكَسْنَا فَقُلْنَا: حَرَامٌ فَيُنَجَّسُ; لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يُنَاسِبْ، إِذِ الْحَرِيرُ وَالذَّهَبُ يَحْرُمُ لَبْسُهُمَا، وَلَيْسَا نَجِسَيْنِ.
وَمِنْهَا: أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ وَصْفًا «مُفْرَدًا» كَقَوْلِنَا فِي اللِّوَاطِ: زِنًا، فَأَوْجَبَ الْحَدَّ كَوَطْءِ الْمَرْأَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَأَنْ تَكُونَ وَصْفًا «مُرَكَّبًا» كَقَوْلِنَا: قَتْلُ عَمْدٍ عُدْوَانٌ، فَأَوْجَبَ الْقِصَاصَ كَالْمُثَقَّلِ، فَالْعِلَّةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْصَافٍ، وَخَالَفَ قَوْمٌ فِي جَوَازِهِ.
لَنَا: أَنَّ الْمَصْلَحَةَ قَدْ تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّرْكِيبِ، فَيَتَعَيَّنُ اعْتِبَارُهُ، كَمَا تَتَوَقَّفُ مُنَاسَبَةُ الْقَوَدِ فِي الْقَتْلِ عَلَى كَوْنِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا، وَمُنَاسَبَةُ الْحَدِّ فِي الزِّنَا عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute