. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْكَفَّارَةَ وَالْحَدَّ «شُرِعَا لِلزَّجْرِ وَتَكْفِيرِ الْمَأْثَمِ» الْحَاصِلِ بِالْمَعْصِيَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْحَدِّ، كَالْقَتْلِ وَالظِّهَارِ وَالْإِفْطَارِ وَنَحْوِهَا، «وَالْقَدْرُ» الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الزَّجْرُ وَالتَّكْفِيرُ «غَيْرُ مَعْلُومٍ» حَتَّى يَلْحَقَ بِهِ غَيْرُهُ بِالْقِيَاسِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قِيَاسًا عَلَى أَمْرٍ مَجْهُولٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ وَالْحُدُودَ شُرِعَتْ لِحُكْمٍ، لَكِنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ، لِأَنَّهَا مَقَادِيرُ مِنَ الْحَاجَاتِ، وَإِنَّمَا الْمُنْضَبِطُ الْأَوْصَافُ، وَلِهَذَا تَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَى سَبَبِهِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ حِكْمَتُهُ، كَقَطْعِ السَّارِقِ، وَإِنْ لَمْ يَتْلَفِ الْمَالُ بِأَنْ أُخِذَ مِنَ السَّارِقِ، وَحَدِّ الزَّانِي وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِطِ النَّسَبُ بِأَنْ كَانَتْ عَقِيمًا، أَوْ حَاضَتْ، فَلَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ، وَإِذَا كَانَتِ الْحِكْمَةُ غَيْرَ مُنْضَبِطَةٍ، لَمْ يَجُزِ الْجَمْعُ بِهَا، لِأَنَّ الْجَمْعَ بِغَيْرِ الْمُنْضَبِطِ جَهَالَةٌ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ «الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ» عَمَلًا بِالنَّصِّ، «وَالْقِيَاسُ شُبْهَةُ لِظَنِّيَّتِهِ» أَيْ: لِكَوْنِهِ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ، فَلَا يَجِبُ الْحَدُّ مَعَهُ.
قَوْلُهُ: «وَأُجِيبُ عَنِ الْأَوَّلِ» إِلَى آخِرِهِ. أَيْ: الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرْتُمُوهُ.
أَمَّا عَنِ الْأَوَّلِ، «فَبِأَنَّا لَا نَقِيسُ إِلَّا حَيْثُ يَحْصُلُ» لَنَا «الظَّنُّ» بِالْقِيَاسِ، وَإِذَا حَصَلَ الظَّنُّ بِهِ، كَانَ مُتَّبِعًا لِمَا سَبَقَ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَسَوَاءٌ انْضَبَطَتِ الْحِكْمَةُ أَوْ لَمْ تَنْضَبِطْ، وَغَايَةُ مَا يُقَدَّرُ أَنَّ الْقِيَاسَ مَعَ عَدَمِ انْضِبَاطِ الْحِكْمَةِ خَطَأٌ، لَكِنَّا مَعَ حُصُولِ ظَنِّ الصَّوَابِ لَنَا نَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الِاجْتِهَادِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute