. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اصْطِلَاحَاتِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفَلَاسِفَةِ، فَيَقُولُ مَثَلًا فِي شُهُودِ الْقَتْلِ إِذَا رَجَعُوا: لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ تَجَرَّدَ مَبْدَؤُهُ عَنْ غَايَةٍ مَقْصُودَةٍ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَثْبُتَ، فَإِنَّ لَفْظَ الْمَبْدَأِ وَالْغَايَةِ بِاصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ; أَشْبَهَ مِنْهُمَا بِاصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ مِنْ خِصْمِهِ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ، إِذْ لَا غَرَابَةَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ.
وَأَمَّا الثَّانِي - وَهُوَ الْإِشْكَالُ مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ -، فَهُوَ إِمَّا مِنْ حَيْثُ التَّرَدُّدُ كَالْمُجْمِلَاتِ، وَقَدْ مَرَّ مِثَالُهَا، أَوْ مِنْ حَيْثُ الْغَرَابَةُ، بِذَكَرِ وَحْشِيِّ الْأَلْفَاظِ، كَقَوْلِهِ: لَا يَحِلُّ أَكْلُ الرِّئْبَالِ أَوِ السِّيدِ، أَوِ السَّبَنْتَى - يَعْنِي الْأَسَدَ - وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ، لِأَنَّهُ ذُو نَابٍ، أَوْ يَجُوزُ أَكْلُ الدَّغْفَلِ - وَهُوَ وَلَدُ الْفِيلِ - أَوِ الْهِجْرِسِ - وَهُوَ وَلَدُ الثَّعْلَبِ - فَيُقَالُ لَهُ: مَا تَعْنِي بِذَلِكَ؟ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ اللُّغَةِ الْغَامِضَةِ، إِلَّا عَنِ الْمَعْنَيَيْنِ بِغَرِيبِ اللُّغَةِ، فَصَارَ كَالْمُجْمَلِ التَّرَدُّدِيِّ، بِجَامِعِ عَدَمِ فَهْمِ الْمُرَادِ. وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ: إِذَا أَكَلَ مِنْ صَيْدِهِ، لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، لِأَنَّهُ صَيْدُ جَارِحَةٍ لَمْ تُرَضْ، فَأَشْبَهَ غَيْرَ الْمُعَلَّمِ: فَإِنَّ قَوْلَهُ: تُرَضْ، مُشْتَقٌّ مِنَ الرِّيَاضَةِ، وَقَدْ يَسْتَغْرِبُهُ بَعْضُ النَّاسِ، فَلَهُ الِاسْتِفْسَارُ عَنْهُ.
وَشَرْطُ تَوَجُّهِ سُؤَالِ الِاسْتِفْسَارِ: أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ فِي مَظِنَّةِ الْغُمُوضِ كَمَا ذَكَرْنَا.
أَمَّا إِنْ كَانَ ظَاهِرًا مَشْهُورًا، مُسْتَطْرِقًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، بِحَيْثُ لَا يَغْمُضُ مِثْلُهُ عَلَى الْمُعْتَرِضِ، كَقَوْلِهِ: فُقِدَ الشَّرْطُ، وَوُجِدَ الْمَانِعُ أَوِ السَّبَبُ، أَوْ هُوَ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ الطَّهُورِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ مَعَهُ، فَيُقَالُ: مَا تَعْنِي بِهَذَا اللَّفْظِ؟ فَإِنِّي لَا أَفْهَمُ مَعْنَاهُ، كَانَ مُعَانِدًا خَارِجًا عَنِ الْإِنْصَافِ، أَوْ جَاهِلًا فَدْمًا، لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute