للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الطُّرُقَ الَّتِي يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِهَا إِلَى مَعْرِفَةِ كَوْنِ الْوَصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُسْتَدِلُّ عِلَّةً، ثُمَّ يُلْغِي جَمِيعَ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِنِ اسْتَقَرَّ لَهُ ذَلِكَ، بَطَلَ التَّعْلِيلُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ، وَإِلَّا فَلَهُ تَصْحِيحُ مَا ادَّعَاهُ؛ بِالْقَدْحِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ، وَكَأَنَّ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ انْحِرَافًا عَنِ الْمَقْصُودِ عَنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَحْصِرَ الْمُعْتَرِضُ جَمِيعَ الْأَوْصَافِ الْمُنَاسِبَةِ لِلْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ، ثُمَّ يُبَيِّنُ إِلْغَاءَهَا وَعَدَمَ صَلَاحِيَّتِهَا لِلتَّعْلِيلِ، كَقَوْلِهِ: عِلَّةُ الرِّبَا فِي الْبُرِّ إِمَّا الْكَيْلُ، أَوِ الطَّعْمُ، أَوِ الْقُوتُ، وَلَا وَاحِدَ مِنْهَا يَصْلُحُ لِلتَّعْلِيلِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا عِلَّةَ لَهُ، فَيَنْقَطِعُ الْإِلْحَاقُ كَمَا سَبَقَ، أَوْ أَنَّ الْعِلَّةَ وَصْفٌ غَيْرُ ذَلِكَ، فَعَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُسْتَدِلُّ إِبْدَاؤُهُ، فَإِنْ كَانَ صَالِحًا سَلَّمْنَاهُ، وَإِلَّا أَلْغَيْنَاهُ كَغَيْرِهِ.

وَقَالَ الْآمِدِيُّ: التَّقْسِيمُ تَرْدِيدُ اللَّفْظِ بَيْنَ احْتِمَالَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ، وَاخْتِصَاصُ كُلِّ احْتِمَالٍ بِاعْتِرَاضٍ مُخَالِفٍ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى الْآخَرِ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ اللَّفْظُ فِي أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ أَظْهَرَ مِنْهُ فِي الْآخَرِ، وَجَبَ تَنْزِيلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ، وَلَوِ اشْتَرَكَ الِاحْتِمَالَانِ فِي اعْتِرَاضٍ وَاحِدٍ، لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْسِيمِ مَعْنًى.

قُلْتُ: وَهَذَا أَوْلَى بِتَفْسِيرِ التَّقْسِيمِ الْمُرَادِ هَهُنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الَّذِي أَرَادَهُ فِي «الرَّوْضَةِ» لَكِنَّهُ لَمْ يُفْصِحْ بِهِ غَايَةَ الْإِفْصَاحِ، فَوَهِمْتُ فِيهِ عِنْدَ الِاخْتِصَارِ، وَذَهَبْتُ فِيهِ إِلَى التَّقْسِيمِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي تَخْرِيجِ الْمَنَاطِ، وَذَلِكَ أَنَّ التَّقْسِيمَ فِي الْقِيَاسِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مِنَ النَّاظِرِ فِي اسْتِخْرَاجِ الْعِلَّةِ بِتَخْرِيجِ الْمَنَاطِ، كَمَا ذَكَرْنَا مِثَالَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ.

وَالثَّانِي: تَقْسِيمٌ مِنَ الْمُعْتَرِضِ الْمُنَاظِرِ عَلَى مَا يَقُولُهُ الْمُسْتَدِلُّ، وَهَذَا هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>