للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَرْضًا، فَلِذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ.

الْمِثَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقُولَ الْحَنَفِيُّ: لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ، لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ، فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ: عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ، أَوْ غَيْرُ مَحْضَةٍ؟ الْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ، وَالثَّانِي مُسَلَّمٌ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ سُقُوطُهَا عَنْ مَالِهِ، لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مِنْ جِهَةٍ؛ وَمُؤْنَةٌ مَالِيَّةٌ مِنْ جِهَةٍ، فَنَحْنُ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ نُوجِبُهَا فِي مَالِهِ، كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْأَقَارِبِ، وَالْمُخَاطَبُ بِإِخْرَاجِهَا الْوَلِيُّ.

قَوْلُهُ: «وَإِلَّا كَانَ مُكَابَرَةً» . أَيْ: إِنْ لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ يَصِحُّ انْقِسَامُهُ إِلَى مَمْنُوعٍ وَمُسَلَّمٍ؛ كَانَ التَّقْسِيمُ مُكَابَرَةً وَشَغَبًا وَلَعِبًا، كَمَا لَوْ قَالَ: شَرَابٌ مُسْكِرٌ، فَكَانَ حَرَامًا كَالْخَمْرِ، فَقَالَ الْمُعْتَرِضُ مَثَلًا: مُسْكِرٌ شَرْعِيٌّ، أَوْ لُغَوِيٌّ، أَوْ عَقْلِيٌّ؟ أَوْ يَقُولُ: مُسْكِرٌ ذَوْقِيٌّ، أَوْ حَقِيقِيٌّ؟ وَكَمَا لَوْ قَالَ: مَكِيلٌ، فَحَرُمَ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَالْبُرِّ، فَقَالَ الْمُعْتَرِضُ: مَكِيلٌ لُغَوِيٌّ، أَوْ شَرْعِيٌّ؟ فَإِنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ تَقْسِيمٌ لَا مَعْنًى لَهُ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ، فَيَكُونُ عِنَادًا، أَوْ لَعِبًا، أَوْ جَهْلًا، فَلَا يُسْمَعُ.

الْأَمْرُ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ التَّقْسِيمِ: أَنْ يَكُونَ حَاصِرًا لِجَمِيعِ الْأَقْسَامِ الَّتِي يَحْتَمِلُهَا لَفْظُ الْمُسْتَدِلِّ، كَمَا ذَكَرَ مِنِ انْحِصَارِ الْمَعْصِيَةِ فِي كَوْنِهَا لِعَيْنِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا، وَانْحِصَارِ الصَّلَاةِ فِي كَوْنِهَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاصِرًا، لَمْ يَصِحَّ التَّقْسِيمُ، لِجَوَازِ أَنْ يَنْهَضَ الْقِسْمُ الْبَاقِي الْخَارِجُ عَنِ الْأَقْسَامِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُعْتَرِضُ بِفَرْضِ الْمُسْتَدِلِّ. وَحِينَئِذٍ يَنْقَطِعُ الْمُعْتَرِضُ، وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولَ: هَذَا الْعَدَدُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِهَذَا الْعَدَدِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، فَيَقُولُ الْمُسْتَدِلُّ: لَا هَذَا وَلَا هَذَا، بَلْ يَكُونُ أَكْثَرَ، وَهُوَ مُرَادِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>